فكيف لو كان اليوم؟ قال عيسى بن يونس : فكيف لو أدرك الأوزاعي هذا الزمان؟
وعن أم الدرداء قالت : دخل أبو الدرداء وهو غضبان ، فقلت : ما أغضبك؟ فقال : والله ما أعرف فيهم شيئا من أمر محمد إلا أنهم يصلون جميعا.
وعن أنس بن مالك قال : ما أعرف منكم ما كنت أعهده على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم غير قولكم : لا إله إلا الله. قلنا : بلى يا أبا حمزة؟ قال : قد صليتم حتى تغرب الشمس ، أفكانت تلك صلاة رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ وعن أنس قال : لو أن رجلا أدرك السلف الأول ثم بعث اليوم ما عرف من الإسلام شيئا ، قال : ووضع يده على خذه ثم قال : إلا هذه الصلاة ، ثم قال : أما والله على ذلك لمن عاش في النكر ولم يدرك ذلك السلف الصالح فرأى مبتدعا يدعو إلى بدعته ، ورأى صاحب دنيا يدعو إلى دنياه ، فعصمه الله من ذلك ، وجعل قلبه يحنّ إلى ذلك السلف الصالح ، يسأل عن سبلهم ، ويقتص آثارهم ، ويتبع سبيلهم ، ليعوض أجرا عظيما ، وكذلك فكونوا إن شاء الله.
وعن ميمون بن مهران قال : لو أن رجلا أنشر فيكم من السلف ما عرف غير هذه القبلة.
وعن سهل بن مالك عن أبيه قال : ما أعرف شيئا مما أدركت عليه الناس إلا النداء بالصلاة ، إلى ما أشبه هذا من الآثار الدالة على أن المحدثات ، تدخل في المشروعات ، وأن ذلك قد كان قبل زماننا ، وإنما تتكاثر على توالي الدهور إلى الآن.
فتردد النظر بين ـ أن أتبع السنّة على شرط مخالفة ما اعتاد الناس فلا بد من حصول نحو مما حصل لمخالفي العوائد ، لا سيما إذا ادعى أهلها أن ما هم عليه هو السنة لا سواها إلا أن في ذلك العبء الثقيل ما فيه من الأجر الجزيل ـ وبين أن أتبعهم على شرط مخالفة السّنة والسلف الصالح ، فأدخل تحت ترجمة الضلال عائذا بالله من ذلك ، إلا أني أوافق المعتاد ، وأعد من المؤالفين ، لا من المخالفين ، فرأيت أن الهلاك في اتباع السّنة هو النجاة ، وأن الناس لن يغنوا عني من الله شيئا ، فأخذت في ذلك على حكم التدريج في بعض الأمور ، فقامت عليّ القيامة ، وتواترت عليّ الملامة ، وفوّق (١) إليّ العتاب سهامه ، ونسبت إلى البدعة
__________________
(١) فوّق السهم : عمل له فوقا ، الفوق من السهم حيث يثبت الوتر منه.