كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ) (١) قال : تريد أخبرك برأي حسن ، قال : لا أريد إلا ما سمعت من الحسن ، قال : سمعت الحسن يقول : كتب الله على قوم القتل فلا يموتون إلا قتلا ، وكتب على قوم الهدم فلا يموتون إلا هدما ، وكتب على قوم الغرق فلا يموتون إلا غرقا ، وكتب على قوم الحريق فلا يموتون إلا حرقا ، فقال له عثمان الطويل : يا أبا عثمان ؛ ليس هذا قولنا. قال عمرو : قد قلت أريد أن أخبرك برأي الحسن ، فأنا أكذب على الحسن.
وعن الأثرم عن أحمد بن حنبل قال : حدثنا معاذ ، قال : كنت عند عمرو بن عبيد فجاءه عثمان بن فلان ، فقال : يا أبا عثمان! سمعت ـ والله ـ بالكفر. قال : ما هو؟ لا تعجل بالكفر ، قال : هاشم الأوقص زعم أن (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) (٢) وقوله تعالى : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) (٣) لم يكن هذا في أم الكتاب ، والله تعالى يقول : (حم* وَالْكِتابِ الْمُبِينِ* إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ* وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) (٤) فما الكفر إلا هذا ، فسكت ساعة ثم تكلم فقال : والله لو كان الأمر كما تقول ما كان على أبي لهب من لوم ، ولا كان على الوحيد من لوم ، قال عثمان ـ في مجلسه ـ : هذا والله الدين ـ قال معاذ ـ ثم قال في آخره : فذكرته لوكيع ، فقال : يستتاب قائلها فإن تاب ... وإلا ضربت عنقه.
ومثل هذا محكي ، لكن عن بعض المرموقين من أئمة الحديث ، فروي عن عليّ بن المديني ، عن المؤمل ، عن الحسن بن وهب الجمحي ، قال : الذي كان بيني وبين فلان خاص فانطلق بأهله إلى بئر ميمون ، فأرسل إليّ : أن ائتني ، فأتيته عشية فبتّ عنده ، قال : فهو في فسطاط وأنا في فسطاط آخر ، فجعلت أسمع صوته الليل كله كأنه دويّ النحل ، قال : فلما أصبحنا جاء بغدائه فتغدينا قال : وذكر ما بيني وبينه من الإخاء والحق ، قال : فقال لي : أدعوك إلى رأي الحسن ، قال : وفتح لي شيئا من القدر ، قال : فقمت من عنده فما كلمته بكلمة حتى لقي الله ، قال : فأنا يوما خارج من الطريق في الطواف وهو داخل ، أو أنا داخل
__________________
(١) سورة : آل عمران ، الآية : ١٥٤.
(٢) سورة : المسد ، الآية : ١.
(٣) سورة : المدثر ، الآية : ١١.
(٤) سورة : الزخرف ، الآيات : ١ ـ ٤.