بها ، فإخراجها عن حقائق معانيها التي نزل القرآن بها خروج عن أم الكتاب إلى اتباع ما تشابه منه من غير حاجة.
وحيث ردوا هذه الصفات إلى الأحوال التي هي العالمية والقادرية ، فما ألزموه في العلم والقدرة لازم لهم في العالمية والقادرية ، لأنها إما موجودة ، فيلزم التركيب ، أو معدومة ، والعدم نفي محض.
وأما كون الكلام هو الأصوات والحروف ، فبناء على عدم النظر في الكلام النفسي ، وهو مذكور في الأصول.
وأما الشبهة السمعية فكأنها عندهم بالتبع ، لأن العقول عندهم هي العمدة المعتمدة ، ولكنهم يلزمهم بذلك الدليل مثل ما مرّ والله (؟) لأن قوله تعالى : (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) (١) إما أن يكون على عمومه لا يتخلف عنه شيء ، أو لا. فإن كان على عمومه ، فتخصيصه إما بغير دليل ـ وهو التحكم ـ وإما بدليل ، فأبرزوه حتى ننظر فيه ، ويلزم مثله في الإرادة إن ردوا الكلام إليها ، وكذلك غيرها من الصفات إن أقروا بها ، أو الأحوال إن أنكروها ، وهذا الكلام معهم بحسب الوقت.
والذي يليق بالمسألة أنواع أخر من الأدلة التي تقتضي كون هذا المذهب بدعة لا يلائم قواعد الشريعة.
ومن أغرب ما يوضع هاهنا ما حكاه المسعودي وذكره الآجري ـ في كتاب الشريعة ـ بأبسط مما ذكره المسعودي ، واللفظ هنا للمسعودي مع إصلاح بعض الألفاظ ، قال : ذكر صالح بن علي الهاشمي قال : حضرت يوما من الأيام جلوس المهتدي للمظالم ، فرأيت من سهولة الوصول ونفوذ الكتب عنه إلى النواحي فيما يتظلم به إليه ما استحسنته ، فأقبلت أرمقه ببصري إذا نظر في القصص ، فإذا رفع طرفه إليّ أطرقت ، فكأنه علم ما في نفسي.
فقال لي : يا صالح أحسب أن في نفسك شيئا تحب أن تذكره ـ قال ـ فقلت : نعم يا
__________________
(١) سورة : الرعد ، الآية : ١٦.