والنشر ، والأنبياء ، والوحي ، والملائكة ، مؤكدا ذلك كله بالقسم ، وأنتم تقولون : إن ظاهره غير مراد وإن تحته رمزا ، فإن جاز ذلك عندكم بالنسبة إلى النبي صلىاللهعليهوسلم لمصلحة وسر له في الرمز ، جاز بالنسبة إلى معصومكم أن يظهر لكم خلاف ما يضمره لمصلحة وسر له فيه ، وهذا لا محيص لهم عنه.
قال أبو حامد الغزالي رحمهالله : ينبغي أن يعرف الإنسان أن رتبة هذه الفرقة هي أخس من رتبة كل فرقة من فرق الضلال ، إذ لا تجد فرقة تنقض مذهبها بنفس المذهب سوى هذه التي هي الباطنية ، إذ مذهبها إبطال النظر ، وتغيير الألفاظ عن موضوعها بدعوى الرمز ، وكل ما يتصور أن تنطق به ألسنتهم فإما نظر أو نقل ، أما النظر فقد أبطلوه ، وأما النقل فقد جوّزوا أن يراد باللفظ غير موضوعه ، فلا يبقى لهم معتصم ، والتوفيق بيد الله.
وذكر ابن العربي في العواصم مأخذا آخر في الرد عليهم أسهل من هذا ، وقال : إنهم لا قبل لهم به ، وهو أن يسلط عليهم في كل ما يدعونه السؤال ب لم؟ خاصة ، فكل من وجهت عليه منهم سقط في يده ، وحكى في ذلك حكاية ظريفة يحسن موقعها هاهنا ، وتصور المذهب كاف في ظهور بطلانه إلا أنه مع ظهور فساده وبعده عن الشرع قد اعتمده طوائف وبنوا عليه بدعا فاحشة.
منها : مذهب المهدي المغربي ، فإنه عدّ نفسه الإمام المنتظر وأنه معصوم ، حتى أن من شك في عصمته ، أو في أنه المهديّ المنتظر كافر.
وقد زعم ذووه أنه ألّف في الإمامة كتابا ذكر فيه أن الله استخلف آدم ونوحا وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدا عليهم الصلاة والسلام ، وأن مدة الخلافة ثلاثون سنة ، وبعد ذلك فرق وأهواء ، وشح مطاع ، وهوى متّبع ، وإعجاب كل ذي رأي برأيه ، فلم يزل الأمر على ذلك ، والباطل ظاهر والحق كامن ، والعلم مرفوع ، ـ كما أخبر عليه الصلاة والسلام ـ والجهل ظاهر ، ولم يبق من الدين إلا اسمه ، ولا من القرآن إلا رسمه حتى جاء الله بالإمام فأعاد الله به الدين ـ كما قال عليه الصلاة والسلام ـ : «بدئ الدين غريبا وسيعود غريبا كما