لطريقتهم تقهر كل حجة ، وأنه طالب للمناظرة فيها ، فدعي لذلك فلم يقم فيه ولا قعد ، غير أنه قال : إن هذه حجتي ، وألقى بالبطاقة التي بخط المجيب ، وكان هو ومحبه وأشياعه يطيرون بها فرحا ، فوصلت المسألة إلى غرناطة ، وطلب من الجميع النظر فيها ، فلم يسع أحد له قوة على النظر فيها إلّا أن يظهر وجه الصواب فيها الذي يدان الله به لأنه من النصيحة التي هي الدين القويم ، والصراط المستقيم.
ونص خلاصة السؤال : ما يقول الشيخ فلان في جماعة من المسلمين يجتمعون في رباط على ضفة البحر في الليالي الفاضلة ، يقرءون جزءا من القرآن ، ويستمعون من كتب الوعظ والرقائق ما أمكن في الوقت ، ويذكرون الله بأنواع التهليل والتسبيح والتقديس ، ثم يقوم من بينهم قوّال يذكر شيئا في مدح النبي صلىاللهعليهوسلم ، ويلقى من السماع ما تتوق النفس إليه وتشتاق سماعه من صفات الصالحين ، وذكر آلاء الله ونعمائه ، ويشوقهم بذكر المنازل الحجازية ، والمعاهد النبوية ، فيتواجدون اشتياقا لذلك ، ثم يأكلون ما حضر من الطعام ، ويحمدون الله تعالى ، ويرددون الصلاة على النبي صلىاللهعليهوسلم ، ويبتهلون بالأدعية إلى الله في صلاح أمورهم ، ويدعون للمسلمين ولإمامهم ويفترقون.
فهل يجوز اجتماعهم على ما ذكر؟ أم يمنعون وينكر عليهم؟ ومن دعاهم من المحبين إلى منزله بقصد التبرك ، هل يجيبون دعوته ويجتمعون على الوجه المذكور أم لا؟
فأجاب بما محصوله : مجالس تلاوة القرآن وذكر الله هي رياض الجنة ثم أتى بالشواهد على طلب ذكر الله. وأما الإنشادات الشعرية ، فإنما الشعر كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح ، وفي القرآن في شعراء الإسلام : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً) (١) ، وذلك أن حسان بن ثابت ، وعبد الله بن رواحة ، وكعبا لما سمعوا قوله تعالى : (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) (٢) الآيات. بكوا عند سماعها فنزل الاستثناء وقد أنشد الشعر بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ورقت نفسه الكريمة وذرفت عيناه لأبيات أخت النضر لما طبع عليه من الرأفة والرحمة.
__________________
(١) سورة : الشعراء ، الآية : ٢٢٧.
(٢) سورة : الشعراء ، الآية : ٢٢٤.