الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ) (١) ، على قول طائفة من المفسرين : أن الكثير من الأمر واقع في التكاليف الإسلامية ، ومعنى لعنتم لحرجتم ، ولدخلت عليكم المشقة ، ودين الله لا حرج فيه (وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ) (٢) بالتسهيل والتيسير (وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ) (٣) الآية.
وإنما بعث النبي صلىاللهعليهوسلم بالحنيفية السمحة ، ووضع الإصر والأغلال التي كانت على غيرهم ، وقال الله تعالى في صفة نبيه صلىاللهعليهوسلم : (عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) (٤) ، وقال تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (٥) ، وقال : (يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) (٦) ، وسمى الله تعالى الأخذ بالتشديد على النفس اعتداء فقال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا) (٧). ومن الأحاديث كثير ، كمسألة الوصال ، ففي الحديث عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : نهاهم النبي صلىاللهعليهوسلم عن الوصال رحمة لهم قالوا : إنك تواصل ، قال : «إني لست كهيئتكم ، إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني» (٨).
وعن أنس رضي الله عنه قال : واصل رسول الله صلىاللهعليهوسلم في آخر شهر رمضان ، فواصل ناس من المسلمين ، فبلغه ذلك فقال : «لو مدّ لنا شهر لواصلنا وصالا حتى يدع المتعمقون تعمقهم» (٩) وهذا إنكار.
__________________
(١) سورة : الحجرات ، الآية : ٧.
(٢) سورة : الحجرات ، الآية : ٧.
(٣) سورة : الحجرات ، الآية : ٧.
(٤) سورة : التوبة ، الآية : ١٢٨.
(٥) سورة : البقرة ، الآية : ١٨٥.
(٦) سورة : النساء ، الآية : ٢٨.
(٧) سورة : المائدة ، الآية : ٨٧.
(٨) أخرجه البخاري في كتاب : الصوم ، باب : الوصال ، وباب : الوصال إلى السحر (الحديث : ٤ / ١٧٧). وأخرجه أبو داود في كتاب : الصوم ، باب : في الوصال (الحديث : ٢٣٦١).
(٩) أخرجه البخاري في كتاب : الصوم ، باب : الوصال ، وأخرجه في كتاب : التمني ، باب : ما يجوز من اللّو (الحديث : ٤ / ١٧٦). وأخرجه مسلم في كتاب : الصيام ، باب : النهي عن الوصال في الصوم (الحديث : ١١٠٤). وأخرجه الترمذي في كتاب : الصوم ، باب : ما جاء في ذكر كراهية الوصال للصائم (الحديث : ٧٧٨).