وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن الوصال ، فقال رجل من المسلمين : فإنك يا رسول الله تواصل ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «وأيكم مثلي؟ إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني» (١) فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال بهم يوما ، ثم يوما ، ثم رأوا الهلال ، فقال : «لو تأخر الشهر لزدتكم» كالمنكل ، حين أبوا أن ينتهوا.
ومن ذلك مسألة قيام النبي صلىاللهعليهوسلم بهم في رمضان ، فإنه تركه مخافة أن يفرض عليهم فيعجزوا عنه فيقعوا في الإثم والحرج ، فكان ذلك رفقا منه بهم.
قال القاضي أبو الطيب : يحتمل أن يكون الله تعالى أوحى إليه أنه إن واصل وفقا هذه الصلاة معهم فرضت عليهم.
وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها : إن كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم.
وقد قيل هذا المعنى في قوله صلىاللهعليهوسلم : «لا تخصّوا يوم الجمعة بصيام» (٢).
قال المهلب : وجهه خشيت أن يستمر عليه فيفرض.
وبهذا المعنى يجتمع النهي مع قول مالك رضي الله عنه في الموطأ ، ولا يكون به إشكال.
ومن ذلك حديث الحولاء بنت تويت : قالت عائشة رضي الله عنها : دخل عليّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعندي امرأة ، فقال : «من هذه؟» فقلت : امرأة لا تنام تصلي ، فقال صلىاللهعليهوسلم : «لا تنام الليل! خذوا من العمل ما تطيقون ، فو الله لا يسأم الله حتى تسأموا» (٣).
__________________
(١) أخرجه البخاري في كتاب : الصوم ، باب : الوصال (الحديث : ٤ / ١٧٧). وأخرجه مسلم في كتاب : الصيام ، باب : النهي عن الوصال في الصوم (الحديث : ١١٠٥).
(٢) أخرجه مسلم في كتاب : الصوم ، باب : كراهية صيام يوم الجمعة منفردا (الحديث : ١١٤٤). وأخرجه البخاري في كتاب : الصوم ، باب : صوم يوم الجمعة وإذا أصبح صائما يوم الجمعة فليفطر (الحديث : ٤ / ٢٠٣). وأخرجه أبو داود في كتاب : الصوم ، باب : النهي أن يخص يوم الجمعة بصوم (الحديث : ٢٤٢٠). وأخرجه الترمذي في كتاب : الصوم ، باب : ما جاء في كراهية صوم يوم الجمعة وحده (الحديث : ٧٤٣).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب : التهجد ، باب : ما يكره من التشديد في العبادة (الحديث : ٣ / ٢٧٩). ـ