هؤلاء؟ قالوا : يأتون مسجدا هاهنا صلى فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فقال : إنما هلك من كان قبلكم بهذا ، يتبعون آثار أنبيائهم فاتخذوها كنائس وبيعا ، من أدركته الصلاة في شيء من هذه المساجد التي صلى فيها رسول الله صلىاللهعليهوسلم فليصل فيها وإلا فلا يتعمدها.
وقال ابن وضاح : سمعت عيسى بن يونس مفتي أهل طرسوس يقول : أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقطع الشجرة التي بويع تحتها النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقطعها لأن الناس كانوا يذهبون فيصلون تحتها فخاف عليهم الفتنة.
قال ابن وضاح : وكان مالك بن أنس وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان تلك المساجد وتلك الآثار للنبي صلىاللهعليهوسلم ما عدا قباء وحده. وقال : وسمعتهم يذكرون أن سفيان دخل مسجد بيت المقدس فصلّى ولم يتبع تلك الآثار ولا الصلاة فيها ، وكذلك فعل غيره أيضا ممن يقتدى به ، وقدم وكيع أيضا مسجد بيت المقدس فلم يعد فعل سفيان. قال ابن وضاح : فعليكم بالاتباع لأئمة الهدى المعروفين ، فقد قال بعض من مضى : كم من أمر هو اليوم معروف عند كثير من الناس كان منكرا عند من مضى. وقد كان مالك يكره كل بدعة وإن كانت في خير.
وجميع هذا ذريعة لئلا يتخذ سنة ما ليس بسنة ، أو يعد مشروعا ما ليس معروفا.
وقد كان مالك يكره المجيء إلى بيت المقدس خيفة أن يتخذ ذلك سنة ، وكان يكره مجيء قبور الشهداء ، ويكره مجيء قباء خوفا من ذلك ، مع ما جاء في الآثار من الترغيب فيه ، ولكن لما خاف العلماء عاقبة ذلك تركوه.
وقال ابن كنانة وأشهب : سمعنا مالكا يقول لما أتاه سعد بن أبي وقاص قال : وددت أن رجلي تكسرت وأني لم أفعل.
وسئل ابن كنانة عن الآثار التي تركوا بالمدينة فقال : أثبت ما في ذلك عندنا قباء ، إلا أن مالكا كان يكره مجيئها خوفا من أن يتخذ سنّة.
وقال سعيد بن حسان : كنت أقرأ على ابن نافع ، فلما مررت بحديث التوسعة ليلة عاشوراء قال لي : حوّق عليه قلت : ولم ذلك يا أبا محمد؟ قال : خوفا من أن يتخذ سنّة.
فهذه أمور جائزة أو مندوب إليها ، ولكنهم كرهوا فعلها خوفا من البدعة لأن اتخاذها