الأذان والإقامة : قد قامت الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح. وهذا نظير قولهم عندنا : الصلاة ـ رحمكم الله.
وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه دخل مسجدا أراد أن يصلي فيه ، فثوّب المؤذن ، فخرج عبد الله بن عمر من المسجد ، وقال : اخرج بنا من عند هذا المبتدع ولم يصل فيه. قال ابن رشد : وهذا نحو مما كان يفعل عندنا بجامع قرطبة من أن يفرد المؤذن بعد أذانه قبل الفجر النداء عند الفجر بقوله : حي على الصلاة. ثم ترك ـ قال ـ وقيل : إنما عنى بذلك قول المؤذن في أذانه : حي على خير العمل ، لأنها كلمة زادها في الأذان من خالف السنّة من الشيعة. ووقع في المجموعة : أن من سمع التثويب وهو في المسجد خرج عنه ، كفعل ابن عمر رضي الله عنهما.
وفي المسألة كلام ، المقصود منه التثويب المكروه الذي قال فيه مالك : إنه ضلال ، والكلام يدل على التشديد في الأمور المحدثة أن تكون في مواضع الجماعة ، أو في المواطن التي تقام فيها السنن ، والمحافظة على المشروعات أشد المحافظة ، لأنها إذا أقيمت هنالك أخذها الناس وعملوا بها ، فكان وزر ذلك عائدا على الفاعل أولا ، فيكثر وزره ويعظم خطر بدعته.
والشرط الرابع : أن لا يستصغرها ولا يستحقرها ـ وإن فرضناها صغيرة ـ فإن ذلك استهانة بها ، والاستهانة بالذنب أعظم من الذنب ، فكان ذلك سببا لعظم ما هو صغير ، وذلك أن الذنب له نظران : نظر من جهة رتبته في الشرط ، ونظر من جهة مخالفة الرب العظيم به ، فأما النظر الأول فمن ذلك الوجه يعد صغيرا إذا فهمنا من الشرع أنه صغير ، لأنا نضعه حيث وضعه الشرع ، وأما الآخر فهو راجع إلى اعتقادنا في العمل به حيث نستحرم جهة الرب سبحانه بالمخالفة ، والذي كان يجب في حقنا أن نستعظم ذلك جدّا ، إذ لا فرق في التحقيق بين المواجهتين ـ المواجهة بالكبيرة ، والمواجهة بالصغيرة.
والمعصية من حيث هي معصية لا يفارقها النظران في الواقع أصلا ، لأن تصورها موقوف عليهما ، فالاستعظام لوقوعها مع كونها يعتقد فيها أنها صغيرة لا يتنافيان ، لأنهما اعتباران من جهتين : فالعاصي وإن كان يعمل المعصية لم يقصد بتعمده الاستهانة بالجانب العليّ الربانيّ ، وإنما قصد اتباع شهوته مثلا فيما جعله الشارع صغيرا أو كبيرا ، فيقع الإثم