وحملته إليه ، فقال لي : يا أبا عبد الله العقيقة سنّة ، ونخل الدقيق بدعة ، ولا ينبغي أن يكون في السنّة بدعة ، ولم أحب أن يكون ذلك الخبز في بيتي بعد أن كان بدعة. ومحمد بن أسلم هذا هو الذي فسر به الحديث إسحاق بن راهويه حيث سئل عن السواد الأعظم في قوله عليه الصلاة والسلام : «عليكم بالسواد الأعظم» (١) فقال : محمد وأصحابه ، حسبما يأتي ـ إن شاء الله ـ في موضعه من هذا الكتاب.
وأيضا ؛ فإن تصور في العبادات وقوع الابتداع وقع في العادات لأنه لا فرق بينهما فالأمور المشروعة تارة تكون عبادية وتارة عادية ، فكلاهما مشروع من قبل الشارع ، فكما تقع المخالفة بالابتداع في أحدهما تقع في الآخر.
ووجه ثالث : وهو أن الشرع جاء بالوعد بأشياء تكون في آخر الزمان هي خارجة عن سنته ، فتدخل فيما تقدم تمثيله ، لأنها من جنس واحد.
ففي الصحيح عن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنكم سترون بعدي أثرة وأمورا تنكرونها ، قالوا : فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال : أدوا إليهم حقهم وسلوا حقكم» (٢) وعن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «من كره من أميره شيئا فليصبر» ، وفي رواية : «من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه ، فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات ، مات ميتة جاهلية» (٣).
وفي الصحيح أيضا : «إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظروا الساعة» (٤). وعن
__________________
(١) أخرج نحوه الترمذي في كتاب : الفتن ، باب : ما جاء في لزوم الجماعة (الحديث : ٢١٦٨).
(٢) أخرجه مسلم في كتاب : الإمارة ، باب : في طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق (الحديث : ١٨٤٦). وأخرجه الترمذي في كتاب : الفتن ، باب : ما جاء ستكون فتن كقطع الليل (الحديث : ٢٢٠٠).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب : الفتن ، باب : قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «سترون بعدي أمورا تنكرونها» ، وأخرجه في كتاب : الأحكام ، باب : السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية (الحديث : ١٣ / ٥). وأخرجه مسلم في كتاب : الإمارة ، باب : وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن وفي كل حال وتحريم الخروج على الطاعة ومفارقة الجماعة (الحديث : ١٨٤٩). وأخرجه أيضا الإمام أحمد في المسند (الأحاديث : ٢٧٥ ، ٢٧٧ ، ٣١٠).
(٤) أخرجه البخاري في كتاب : العلم ، باب : من سئل علما وهو مشتغل في حديثه ، وأخرجه في كتاب : الرقاق ، باب : رفع الأمانة (الأحاديث : ٤ / ١١٦ ، ١١٧).