مشروع بخلاف ما إذا أنكر عليه فإنه يعتقد أنه عيب ، أو أنه غير مشروع أو أنه ليس من فعل المسلمين.
هذا أمر يلزم من ليس بعالم بالشريعة ، لأن مستنده الخواص والعلماء في الجائز مع غير الجائز.
فإذا عدم الإنكار ممن شأنه الإنكار ، مع ظهور العمل وانتشاره وعدم خوف المنكر ووجود القدرة عليه ، فلم يفعل ، دلّ عند العوام على أنه فعل جائز لا حرج فيه ، فنشأ فيه هذا الاعتقاد الفاسد بتأويل يقنع بمثله من كان من العوام فصارت المخالفة بدعة ، كما في القسم الأول.
وقد ثبت في الأصول أن العالم في الناس قائم مقام النبي عليه الصلاة والسلام ، والعلماء ورثة الأنبياء ، فكما أن النبي صلىاللهعليهوسلم يدل على الأحكام بقوله وفعله وإقراره ، كذلك وارثه يدل على الأحكام بقوله وفعله وإقراره. واعتبر ذلك ببعض ما أحدث في المساجد من الأمور المنهي عنها فلم ينكرها العلماء ، أو عملوا بها فصارت بعد سننا ومشروعات ، كزيادتهم مع الأذان : أصبح ولله الحمد ، والوضوء للصلاة ، وتأهبوا ، ودعاء المؤذنين بالليل في الصوامع ، وربما احتجوا على ذلك بما يفعله بعض الناس وبما وضع في نوازل ابن سهل غفلة عما أخذ عليه فيه ، وقد قيدنا في ذلك جزءا مفردا فمن أراد الشفاء في المسألة فعليه به ، وبالله التوفيق.
وخرج أبو داود قال : اهتم النبي صلىاللهعليهوسلم للصلاة كيف يجمع الناس لها ، فقيل : انصب راية عند حضور الصلاة فإذا رأوها أذن بعضهم بعضا ، فلم يعجبه ذلك ـ قال : فذكر له القمع ، يعني : الشبور ، وفي رواية شبور اليهود فلم يعجبه ، وقال : «هو من أمر اليهود» قال : فذكر له الناقوس ، فقال : «هو من أمر النصارى» (١) فانصرف عبد الله بن زيد بن عبد ربه وهو مهتم لهمّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأري الأذان في منامه إلى آخر الحديث.
وفي مسلم عن أنس بن مالك أنه قال : «ذكروا أن يعلموا وقت الصلاة بشيء يعرفونه ،
__________________
(١) أخرجه أبو داود في كتاب : الصلاة ، باب : بدء الأذان (الحديث : ٤٩٨).