العلماء من السلف الصالح على قضايا دخل أصحابها تحت حكم اللفظ كالخوارج فهي ظاهرة في العموم.
ثم تلا أبو أمامة الآية الأخرى ، وهي قوله سبحانه : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ) إلى قوله : (فَفِي رَحْمَتِ اللهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (١) ، وفسرها بمعنى ما فسر به الآية الأخرى ، فهي الوعيد والتهديد لمن تلك صفته ، ونهى المؤمنين أن يكونوا مثلهم.
ونقل عبيد عن حميد بن مهران قال : سألت الحسن كيف يصنع أهل هذه الأهواء الخبيثة بهذه الآية في آل عمران : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ) قال : نبذوها وربّ الكعبة وراء ظهورهم.
وعن أبي أمامة أيضا قال : هم الحرورية (٢).
وقال ابن وهب : سمعت مالكا يقول : ما آية في كتاب الله أشدّ على أهل الاختلاف من أهل الأهواء من هذه الآية : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ) إلى قوله : (بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) قال مالك : فأي كلام أبين من هذا؟ فرأيته يتأولها لأهل الأهواء. ورواه ابن القاسم وزاد : قال لي مالك : إنما هذه الآية لأهل القبلة. وما ذكره في الآية قد نقل عن غير واحد كالذي تقدم للحسن.
وعن قتادة في قوله تعالى : (كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا) يعني : أهل البدع.
وعن ابن عباس في قوله : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ) قال : تبيض وجوه أهل السنة ، وتسودّ وجوه أهل البدعة.
ومن الآيات قوله تعالى : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (٣). فالصراط المستقيم هو سبيل الله الذي
__________________
(١) سورة : آل عمران ، الآيات : ١٠٥ ـ ١٠٧.
(٢) الحرورية : طائفة من الخوارج تنسب إلى منطقة حروراء قرب الكوفة لأنه كان بها أول اجتماعهم وتحكيمهم حين خالفوا عليّا وكان عندهم تشدد في الدين حتى مرقوا منه.
(٣) سورة : الأنعام ، الآية : ١٥٣.