فليتأمل الناظر الموفق كيف وضعت على التحكم المحض المنافي للمناسبات التفصيلية.
ألا ترى أن الطهارات ـ على اختلاف أنواعها ـ قد اختص كل نوع منها بتعبد مخالف جدا لما يظهر لبادي الرأي؟ فإن البول والغائط خارجان نجسان يجب بهما تطهير أعضاء الوضوء دون المخرجين فقط ، ودون جميع الجسد ، فإذا خرج المني أو دم الحيض وجب غسل جميع الجسد دون المخرج فقط ، ودون أعضاء الوضوء.
ثم إن التطهير واجب مع نظافة الأعضاء ، وغير واجب مع قذراتها بالأوساخ والأدران ، إذا فرض أنه لم يحدث.
ثم التراب ـ ومن شأنه التلويث ـ يقوم مقام الماء الذي من شأنه التنظيف.
ثم نظرنا في أوقات الصلوات فلم نجد فيها مناسبة لإقامة الصلوات فيها ، لاستواء الأوقات في ذلك.
وشرع للإعلام بها أذكار مخصوصة لا يزاد فيها ولا ينقص منها ، فإذا أقيمت ابتدأت إقامتها بأذكار أيضا ، ثم شرعت ركعاتها مختلفة باختلاف الأوقات ، وكل ركعة لها ركوع واحد وسجودان دون العكس ، إلا صلاة خسوف الشمس فإنها على غير ذلك ، ثم كانت خمس صلوات دون أربع أو ست وغير ذلك من الأعداد ، فإذا دخل المتطهر المسجد أمر بتحيته بركعتين دون واحدة كالموتر ، أو أربع كالظهر ، فإذا سها في صلاة سجد سجدتين دون سجدة واحدة ، وإذا قرأ آية سجدة سجد واحدة دون اثنتين.
ثم أمر بصلاة النوافل ونهى عن الصلاة في أوقات مخصوصة ، وعلل النهي بأمر غير معقول المعنى.
ثم شرعت الجماعة في بعض النوافل كالعيدين والخسوف والاستسقاء ، دون صلاة الليل ورواتب النوافل.
فإذا صرنا إلى غسل الميت وجدناه لا معنى له معقولا ، لأنه غير مكلف ، ثم أمرنا بالصلاة عليه بالتكبير دون ركوع أو سجود أو تشهد ، والتكبير أربع تكبيرات دون اثنتين أو ست أو سبع أو غيرها من الأعداد.