الطريق الأعظم انتهى به إلى الجنة ، ثم تلا ابن مسعود : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ) الآية كلها.
وعن مجاهد في قوله : (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ) قال : البدع والشبهات.
وعن عبد الرحمن بن مهدي : قد سئل مالك بن أنس عن السنة قال : هي ما لا اسم له غير السنة ، وتلا : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ).
قال بكر بن العلاء : يريد ـ إن شاء الله ـ حديث ابن مسعود أن النبي صلىاللهعليهوسلم خط له خطا ، وذكر الحديث.
فهذا التفسير يدل على شمول الآية لجميع طرق البدع لا تختص ببدعة دون أخرى.
ومن الآيات قول الله تعالى : (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) (١). فالسبيل القصد هو طريق الحق ، وما سواه جائر عن الحق أي : عادل عنه ، وهي طرق البدع والضلالات ، أعاذنا الله من سلوكها بفضله ، وكفى بالجائر أن يحذر منه.
فالمساق يدل على التحذير والنهي.
وذكر ابن وضاح قال : سئل عاصم بن بهدلة وقيل له : يا أبا بكر ، هل رأيت قول الله تعالى : (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ)؟ قال : حدثنا أبو وائل عن عبد الله بن مسعود قال : خط عبد الله خطا مستقيما وخط خطوطا عن يمينه وخطوطا عن شماله ، فقال : خط رسول الله صلىاللهعليهوسلم هكذا ، فقال للخط المستقيم : «هذا سبيل الله» وللخطوط التي عن يمينه وشماله : «هذه سبل متفرقة على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه» (٢) والسبيل مشتركة قال الله تعالى : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ) (٣) إلى آخرها.
عن التستري : (قصد السبيل) طريق السنة ، (وَمِنْها جائِرٌ) يعني : إلى النار ، وذلك الملل والبدع.
__________________
(١) سورة : النحل ، الآية : ٩.
(٢) تقدم تخريجه ص : ٤١ ، الحاشية : ١.
(٣) سورة : الأنعام ، الآية : ١٥٣.