هم من جلدتنا ، ويتكلمون بألسنتنا» قلت : فما تأمرني إن أدركت ذلك؟ قال : «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم» قلت : فإن لم يكن إمام ولا جماعة؟ قال : «فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك» (١) وخرّجه البخاري على نحو آخر.
وفي حديث الصحيفة : «المدينة حرم ما بين عير إلى ثور (٢) من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا» (٣) وهذا الحديث في سياق العموم فيشمل كل حدث أحدث فيها مما ينافي الشرع ، والبدع من أقبح الحدث ، وقد استدل به مالك في مسألة تأتي في موضعها بحول الله ، وهو وإن كان مختصا بالمدينة فغيرها أيضا يدخل في المعنى.
وفي الموطأ من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم خرج إلى المقبرة ، فقال : «السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون» الحديث ، إلى أن قال فيه : «فليذادنّ رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال ، أناديهم : ألا هلمّ! ألا هلم! ألا هلم! فيقال : إنهم قد بدلوا بعدك. فأقول : فسحقا! فسحقا! فسحقا» (٤) حمله جماعة من العلماء على أنهم أهل
__________________
(١) أخرجه البخاري في كتاب : المناقب ، باب : علامات النبوة في الإسلام (الأحاديث : ٣٤١١ ، ٣٤١٢). وأخرجه مسلم في كتاب : الإمارة ، باب : وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن (الحديث : ١٨٤٧).
(٢) عير وثور : اسمان لجبلين ، وثور وراء جبل أحد.
(٣) أخرجه البخاري في كتاب : العلم ، باب : كتابة العلم ، وفي كتاب : الجهاد ، باب : فكاك الأسير ، وفي كتاب : الديات ، باب : العاقلة ، وباب : لا يقتل مسلم بكافر (الأحاديث : ١ / ١٨٢ ، ١٨٣). وأخرجه مسلم في كتاب : الحج ، باب : فضل المدينة ، وفي كتاب : العتق ، باب : تحريم تولي العتيق غير مواليه (الحديث : ١٣٧٠). وأخرجه أبو داود في كتاب : المناسك ، باب : في تحريم المدينة (الأحاديث : ٢٠٣٤ ، ٢٠٣٥). وأخرجه الترمذي في كتاب : الولاء والهبة ، باب : ما جاء فيمن تولى غير مواليه أو ادعى لغير أبيه (الحديث : ٢١٢٨). وأخرجه النسائي في كتاب : القسامة ، باب : سقوط القود من المسلم للكافر (الحديث : ٨ / ٢٣).
(٤) أخرجه البخاري في كتاب : الوضوء ، باب : فضل الوضوء والغر المحجلون (الحديث : ١ / ٢٠٧). وأخرجه مسلم في كتاب : الطهارة ، باب : استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء (الحديث : ٢٤٩). وأخرجه مالك في الموطأ في كتاب : الطهارة ، باب : جامع الوضوء ـ