فقال عمر لمولى له ـ يقال له يرفأ ـ إذا علمت أنه قد حضر عشاؤه فأعلمني. فلما حضر عشاؤه أعلمه ، فأتاه عمر فسلّم عليه ، فاستأذن فأذن له فدخل ، فقرب عشاءه فجاء بثريد لحم فأكل عمر معه منها ، ثم قرب شواء فبسط يزيد يده ، وكف عمر يده ثم قال : والله يا يزيد بن أبي سفيان ، إطعام بعد طعام؟ والذي نفس عمر بيده لئن خالفتم عن سنتهم ليخالفن بكم عن طريقهم.
وعن ابن عمر : صلاة السفر ركعتان من خالف السنة كفر.
وخرج الآجري عن السائب بن يزيد قال : أتى عمر بن الخطاب فقالوا : يا أمير المؤمنين إنا لقينا رجلا يسأل عن تأويل القرآن ، فقال : اللهم أمكنّي منه ، قال : فبينما عمر ذات يوم يغدي الناس إذ جاءه عليه ثياب وعمامة فتغدى حتى إذا فرغ قال : يا أمير المؤمنين! (وَالذَّارِياتِ ذَرْواً* فَالْحامِلاتِ وِقْراً) (١) ، فقال عمر : أنت هو؟ فقام إليه محسرا عن ذراعيه فلم يزل يجلده حتى سقطت عمامته فقال : والذي نفسي بيده لو وجدتك محلوقا لضربت رأسك ، ألبسوه ثيابه واحملوه على قتب ثم أخرجوه حتى تقدموا به بلاده ، ثم ليقم خطيبا ثم ليقل : أن صبيغا طلب العلم فأخطأ فلم يزل وضيعا في قومه حتى هلك ، وكان سيد قومه.
وخرّج ابن المبارك وغيره عن أبيّ بن كعب أنه قال : عليكم بالسبيل والسنّة ، فإنه ما على الأرض من عبد على السبيل والسنّة ذكر الله ففاضت عيناه من خشية الله فيعذبه الله أبدا ، وما على الأرض من عبد على السبيل والسنّة ذكر الله في نفسه فاقشعرّ جلده من خشية الله إلا كان مثله كمثل شجرة قد يبس ورقها فهي كذلك إذ أصابتها ريح شديدة فتحاتّ عنها ورقها إلا حط الله عنه خطاياه كما تحاتّ عن الشجرة ورقها ، فإن اقتصادا في سبيل الله وسنّة خير من اجتهاد في خلاف سبيل الله وسنة ، وانظروا أن يكون عملكم إن كان اجتهادا واقتصادا أن يكون على منهاج الأنبياء وسنتهم.
وخرّج ابن وضاح عن ابن عباس قال : ما يأتي على الناس من عام إلا أحدثوا فيه بدعة وأماتوا سنّة ، حتى تحيا البدع وتموت السنن.
وعنه أنه قال : عليكم بالاستفاضة والأثر وإياكم والبدع.
__________________
(١) سورة : الذاريات ، الآيتان : ١ ـ ٢.