وخرّج ابن وهب عنه أيضا قال : من أحدث رأيا ليس في كتاب الله ولم تمض به سنة من رسول الله صلىاللهعليهوسلم لم يدر ما هو عليه إذا لقي الله عزوجل.
وخرّج أبو داود وغيره عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال يوما : إن من ورائكم فتنا يكثر فيها المال ، ويفتح فيه القرآن ، حتى يأخذه المؤمن والمنافق ، والرجل والمرأة ، والصغير والكبير ، والعبد والحر ، فيوشك قائل أن يقول : ما للناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن؟ ما هم بمتبعي حتى أبتدع لهم غيره ، وإياكم وما ابتدع فإن ما ابتدع ضلالة ، وأحذّركم زيغة الحكيم فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم ، وقد يقول المنافق كلمة الحق.
قال الراوي : قلت لمعاذ : وما يدريني يرحمك الله إن الحكيم قد يقول كلمة ضلالة ، وإن المنافق قد يقول كلمة الحق؟ قال : بلى! اجتنب من كلام الحكيم غير المشتهرات التي يقال فيها : ما هذه؟ ولا يثنينّك لك عنه ، فإنه لعله أن يراجع وتلقّ الحقّ إذا سمعته فإن على الحق نورا.
وفي رواية مكان المشتهرات (المشتبهات) وفسر بأنه ما تشابه عليك من قول حتى يقال : ما أراد بهذه الكلمة؟ ويريد ـ والله أعلم ـ ما لم يشتمل ظاهره على مقتضى السنة حتى تنكره القلوب ويقول الناس : ما هذه؟ وذلك راجع إلى ما يحذر من زلة العالم حسبما يأتي بحول الله.
ومما جاء عمن بعد الصحابة رضي الله عنهم ما ذكر ابن وضاح عن الحسن قال : صاحب البدعة لا يزداد اجتهادا ، صياما وصلاة ، إلا ازداد من الله بعدا.
وخرّج ابن وهب عن أبي إدريس الخولاني أنه قال : لأن أرى في المسجد نارا لا أستطيع إطفاءها ، أحب إليّ من أن أرى فيه بدعة لا أستطيع تغييرها.
وعن الفضيل بن عياض : اتبع طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين ، وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين.