حقا ، وأن ما سوى ذلك تفرقة ، لقوله : (وَلا تَفَرَّقُوا) (١) والفرقة من أخس أوصاف المبتدعة ، لأنه خرج عن حكم الله وباين جماعة أهل الإسلام.
روى عبد الله بن حميد بن عبد الله : أن حبل الله الجماعة.
وعن قتادة : حبل الله المتين ، هذا القرآن وسننه ، وعهده إلى عباده الذي أمر أن يعتصم بما فيه من الخير ، والثقة أن يتمسكوا به ويعتصموا بحبله ، إلى آخر ما قال ومن ذلك قوله تعالى : (وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاكُمْ) (٢).
وأما أن الماشي إليه والموقّر له معين على هدم الإسلام فقد تقدم من نقله.
وروي أيضا مرفوعا : «من أتى صاحب بدعة ليوقّره ، فقد أعان على هدم الإسلام».
وعن هشام بن عروة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من وقّر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام» (٣).
ويجامعها في المعنى ما صح من قوله عليه الصلاة والسلام : «من أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» (٤) الحديث.
فإن الإيواء يجامع التوقير ، ووجه ذلك ظاهر لأن المشي إليه والتوقير له تعظيم له لأجل بدعته ، وقد علمنا أن الشرع يأمر بزجره وإهانته وإذلاله بما هو أشد من هذا ، كالضرب والقتل ، فصار توقيره صدودا عن العمل بشرع الإسلام ، وإقبالا على ما يضاده وينافيه ، والإسلام لا ينهدم إلا بترك العمل به والعمل بما ينافيه.
وأيضا فإن توقير صاحب البدعة مظنة لمفسدتين تعودان على الإسلام بالهدم :
__________________
(١) سورة : آل عمران ، الآية : ١٠٣.
(٢) سورة : الحج ، الآية : ٧٨.
(٣) أخرجه المتقي الهندي في كنز العمال ، فصل في ذم البدع.
(٤) أخرجه أبو داود في كتاب : الديات ، باب : إيقاد المسلم بالكافر (الحديث : ٤٥٣٠). وأخرجه النسائي في كتاب : القسامة ، باب : القود بين الأحرار والمماليك في النفس (الحديث : ٨ / ١٩) وهو صحيح بشواهده.