وأما أنها رافعة للسنن التي تقابلها ، فقد تقدم الاستشهاد عليه في أن الموقر لصاحبها معين على هدم الإسلام.
وأما أن على مبتدعها إثم من عمل بها إلى يوم القيامة ، فلقوله تعالى : (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) (١) ، ولما في الصحيح من قوله عليه الصلاة والسلام : «من سنّ سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها» (٢) الحديث.
وإلى ذلك أشار الحديث الآخر : «ما من نفس تقتل ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها ، لأنه أول من سنّ القتل» (٣).
وهذا التعليل يشعر بمقتضى الحديث قبله ، إذ علل تعليق الإثم على ابن آدم لكونه أول من سنّ القتل ، فدل على أن من سنّ ما لا يرضاه الله ورسوله فهو مثله ، إذ لم يتعلق الإثم بمن سنّ القتل لكونه قتلا دون غيره ، بل لكونه سنّ سنّة سوء وجعلها طريقا مسلوكة.
ومثل هذا ما جاء في معناه مما تقدم أو يأتي كقوله : «ومن ابتدع بدعة ضلالة لا ترضي الله ورسوله كان عليه مثل آثام من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزار الناس شيئا» (٤) وغير ذلك من الأحاديث.
فليتق الله امرؤ ربه ولينظر قبل الإحداث في أي مزلة يضع قدمه في مصون أمره ، يثق
__________________
(١) سورة : النحل ، الآية : ٢٥.
(٢) أخرج الترمذي نحوه في كتاب : العلم ، باب : ما جاء فيمن دعا إلى هدى أو إلى ضلالة ، وقال : حديث حسن صحيح (الحديث : ٢٦٧٧). وأخرجه مسلم مطولا.
(٣) أخرجه الحميدي (١١١). وأخرجه أحمد في المسند (١ / ٣٨٣ ، ٤٣٠ ، ٤٣٣). وأخرجه البخاري (٤ / ١٦٢). وأخرجه مسلم (٥ / ١٠٦). وأخرجه ابن ماجه (٢٦١٦). وأخرجه الترمذي (٢٦٧٣). وأخرجه النسائي (٧ / ٨١).
(٤) تقدم تخريجه ص : ٢٩ ، الحاشية : ٢.