ونحوه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ما كان رجل على رأي من البدعة فتركه إلا إلى ما هو شر منه. خرّج هذه الآثار ابن وضاح.
وخرّج ابن وهب ، عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يقول : اثنان لا نعاتبهما : صاحب طمع ، وصاحب هوى ، فإنهما لا ينزعان.
وعن ابن شوذب قال : سمعت عبد الله بن القاسم وهو يقول : ما كان عبد على هوى تركه إلا إلى ما هو شر منه. قال : فذكرت ذلك لبعض أصحابنا فقال : تصديقه في حديث عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية ثم لا يرجعون إليه حتى يرجع السهم على فوقه» (١).
وعن أيوب قال : كان رجل يرى رأيا فرجع عنه فأتيت محمدا فرحا بذلك أخبره ، فقلت : أشعرت أن فلانا ترك رأيه الذي كان يرى؟ فقال : انظر إلام يتحول؟ إن آخر الحديث أشد عليهم من الأول ، أوله : «يمرقون من الدين» وآخره : «ثم لا يعودون» وهو حديث أبي ذر أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «سيكون من أمتي قوم يقرءون القرآن ولا يجاوز حلاقيمهم ، يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه ، هم شرّ الخلق والخليقة» (٢).
فهذه شهادة الحديث الصحيح لمعنى هذه الآثار ، وحاصلها أنه توبة لصاحب البدعة عن بدعته فإن خرج فإنما يخرج إلى ما هو شر منها كما في حديث أيوب ، أو يكون ممن يظهر الخروج عنها وهو مصر عليها بعد ، كقصة غيلان مع عمر بن عبد العزيز.
ويدل على ذلك أيضا حديث الفرق إذ قال فيه : «وإنه سيخرج في أمتي أقوام تجارى
__________________
(١) تقدم تخريجه ص : ١٢ ، الحاشية : ١.
(٢) أخرجه النسائي في كتاب : تحريم الدم ، باب : من شهر سيفه ثم وضعه في الناس وهو حديث حسن (الحديث : ٧ / ١١٩).