من جهة ، ودليلاً على إمكان مسألة المعاد والحياة بعد الموت من جهة اخرى ، على الخصوص في مجال تعيين جنس النطفة من ذكرٍ أو أُنثى.
إنّ المسائل المتعلّقة بعلم الجنين من أعقد وأعجب المسائل ، والقانون المهيمن على هذا العلم لم يتضح لحدّ الآن حتى لدى الحاذقين من العلماء ، وكل ما لدينا من العلم أنّ مسألة تشخيص جنس الجنين في رحم الام غير ممكن أبداً ، ولا يتميّز إلّابعد وصول الجنين إلى المراحل النهائية من الحمل ، ونحن نعلم أيضاً بوجود قوانين دقيقة تهيمن على تلك الأُمور ، هذه القوانين التي توجد التعادل والتقارب بين تعداد كلٍّ من الجنسين ، لكنّ جزئيات وتفاصيل تلك الامور ظلّت مخفية وراء حجاب الابهام.
فلو افترضنا أنّ في كل عشر ولادات تسع منها إناث وواحد منها ذكر أو بالعكس ، فسوف يحدث اختلال عجيب وفوضى مخيفة وصراع رهيب في المجتمع الإنساني!
* * *
وفي الآية الثالثة بعد أن بيّن الله تعالى قدرته ، قال : (وَانَّهُ خَلَقَ الزَّوجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْانْثَى * مِنْ نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى * وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشأَةَ الْأُخْرَى).
فالقرآن وإن لم يصرّح بهذه الحقيقة وأنّه يمكن أن نتوصل إلى إثبات النشأة الآخرة عن طريق المقايسة بينها وبين تطورات الجنين ، إلّاأنّه يمكننا عن طريق ارتباط الآيات فيما بينها أن نجعل الأمر الأول دليلاً وشاهداً على الأمر الثاني كما انتبه إلى ذلك بعض المفسرين أيضاً(١).
و «النشأة الآخرة» : بمعنى «الايجاد الآخر» والمراد منه برأي الأكثرية الساحقة من المفسرين «الحياة الاخرى» لكنّ البعض أصرَّ على أنّ المراد منه مرحلة نفخ الروح في الجنين وجعلوا آية : (فَكَسَونَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ). (المؤمنون / ١٤) دليلاً على مدّعاهم الآنف.
__________________
(١) تفسير في ظلال القرآن ، ج ٧ ، ص ٦٣١.