لكن عند مراجعة هذا التعبير : (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللهُ يُنْشِىءُ النَشْأَةَ الْآخِرةَ). (العنكبوت / ٢٠)
وما شابه هذا التعبير في آيات اخرى من القرآن يتضح لنا جليّاً أنّ المراد من النشأة الآخرة يوم القيامة ، حيث قال تعالى : (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّروُنَ). (الواقعة / ٦٢)
* * *
وفي الآية الرابعة وردت هذه الحقيقة أيضاً وبشكل آخر وبصورة اجمل واوجز واوضح ، قال تعالى : (قُتِلَ الْإِنسَانُ مَااكْفَرَهُ* مِنْ أَىِّ شَىءٍ خَلَقَهُ* مِنْ نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدّرَهُ* ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ* ثُمَّ أَمَاتَهُ فَاقبَرَهُ* ثُمَّ إذا شَاء أَنْشَرَهُ).
أشارت هذه الآيات أولاً إلى خلق الإنسان من نطفة ، ثم أشارت إلى تكامل الجنين إشارة مبهمة ، بعد ذلك أشارت إلى مسألة الموت ، ثم إلى الحياة بعد الموت ، أمّا العلاقة والرابطة الموجودة بين هذه المسائل فهي إمكان الاستدلال بكل واحد من هذه الامور على إثبات الأمر الآخر.
وهنا توجد عدّة امور تجلب الانتباه :
١ ـ إنّ جملة «خلقهُ فقدّره» جملة عميقة المغزى ، فقد صُبّت فيها جميع مراحل تطورات الجنين في مرحلة الحمل ، فالتقدير في أصل وجوده ، وفي أعضاء بدنه ، وفي تركيب أجزائه ، وفي احتياجاته المتعددة وفي الفواصل الزمانية المختلفة التي عليه أن يقطعها للوصول إلى مراحل تكامله ، إنّ الله تعالى قدّر كل ذلك له ، ووضع له نظاماً متقناً.
بناءً على هذا جيء بجملة «خلقه» للدلالة على المرحلة الاولى لخلق الإنسان من النطفة وبجملة «قدّرهُ» للدلالة على جميع المراحل التي تلي فيما بعد.
٢ ـ وجملة «ثُمَّ السَبِيلَ يَسّرَهُ» أيضاً من الجمل العميقة المغزى ومن الجمل الجذّابة التي يمكن أن تكون دليلاً على الامور الآتية :
تسهيل طريقِ الولادة أمامه بعد خوض مراحل التكامل ، فالجنين الذي يكون رأسه إلى