وِزْرَ اخْرَى). (النجم / ٣٨)
سلك مشاهير المفسرين عدّة طرق تحتاج أغلبها إلى التقدير في الآية وقالوا : إنّ المراد من إثمي هو إثم قتلي.
لكن المناسب عدم التقدير ، والمراد في الآية هو : إنّك إن عملت بتهديدك هذا وقتلتني فإنّك سوف تحمل ثقل جميع ما ارتكبته أنا من إثم ، وذلك لأنّك يجب أن تدفع غرامة قتلي يوم القيامة وبما أنّك لم تعمل صالحاً في الدنيا فعليك أن تحمل عبءَ ذنوبي غرامة فعلك!
وقد روي عن الإمام الباقر عليهالسلام في تفسير هذه الآية ما يؤيد هذا المعنى ، قال عليهالسلام : من قتل مؤمناً متعمداً أثبت الله على قاتله جميع الذنوب وبرئ المقتول منها ، وذلك قول الله عزوجل : (انِّى ارِيدُ أَنْ تَبُوأَ بِإثْمى وَإِثمِكَ فَتَكُونَ مِنْ اصْحَابِ النَّارِ) (١).
وروي عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ما يعزز هذا المعنى (وإن لم تكن الرواية واردة في تفسير هذه الآية) ، قال صلىاللهعليهوآله : «يؤتى يوم القيامة بالظالم والمظلوم فيؤخذ من حساب الظالم فتراهُ في حسنات المظلوم ، حتى يُنتصف ، فإن لم تكن له حسنات اخذ من سيئات المظلوم فتطرح عليه» (٢).
* * *
والآية الرابعة تشير إلى عصر نوح عليهالسلام ، فقد نقل القرآن دعوته على لسان الكافرين والجاحدين ، قال تعالى : (ايَعِدُكُمْ انَّكُمْ اذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَاباً وَعِظَاماً انَّكُمْ مُّخْرَجُونَ).
ويدل هذا التعبير بوضوح على أنّ نوح عليهالسلام قد طرح على هؤلاء مسألة المعاد وبالأخص المعاد الجسماني ـ وقد ملأت دعوته آذان جميع المخالفين ، وبسبب انحطاطهم الفكري بهتوا لماجاءهم وقالوا محدثين بعضهم البعض : (هَيهَاتَ هَيهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ).
ويستفاد بوضوح من الآيات الواردة في سورة نوحٍ أيضاً أنّ نوحاً عليهالسلام حاول رفع
__________________
(١) تفسير نور الثقلين ، ج ١ ، ص ٦١٣ ، ح ١٣٣.
(٢) تفسير القرطبي ، ج ٣ ، ص ٢١٣٤.