الشبهات والخوف وعدم الاطمئنان الذي جثم على أذهانهم بسبب طرح مسألة المعاد فعمد إلى تشبيه حياة البشر بحياة النباتات ليوضح لهم الأمر ، قال تعالى عن لسان نوح : (وَاللهُ انبَتَكُمْ مِنَ الْارْضِ نَبَاتاً* ثُمَّ يُعيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ اخْرَاجاً). (نوح / ١٧ ـ ١٨)
ويتّضح ممّا تقدم أنّ المعاد كان معروفاً لدى قوم نوح عليهالسلام بالاسلوب المشابه لُاسلوب نبي الإسلام صلىاللهعليهوآله الذي استخدمه مع مشركي مكة أيضاً ، ونوح صلىاللهعليهوآله كان أول الأنبياء من اولى العزم وكان صاحب شريعة.
* * *
وتحدثت الآية الخامسة عن «إبراهيم عليهالسلام» وإيمانه بمسألة المعاد ، فقد بينت هذه الآية جانباً من ادعية إبراهيم عليهالسلام عندما عاش الآلام بسب المعارضة الشديدة التي تلقّاها من كفّار عصره ، قال تعالى عن لسان إبراهيم عليهالسلام : (وَلَا تُخْزِنِى يَوْمَ يُبْعَثُونَ* يَوْمَ لَايَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ).
وقال في الآية التي سبقت هذه الآية بآيتين : (وَاجْعَلْنِى مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعيمِ).
فالادعية المذكورة أعلاه تشير بوضوح إلى أنّ إبراهيم عليهالسلام يخاف الخزي يوم القيامة مع مالديه من مقام عظيم لأنّه كان من أعظم الأنبياء من اولي العزم.
ومن الممكن أن يعتبر البعض هذا التعبير عن أنّه رشاد للاخرين وتعليم لغير المعصومين ، وذلك لأنّ المعصوم لا يخزى يوم القيامة ، لكن البعض لهم تعبير لطيف في هذا المجال وهو أنّهم قالوا : «حسنات الابرار سيئات المقربين» فالأعمال الصالحة العادية لا تلائم مقام الأنبياء والمعصومين ، وكذلك الحال بالنسبة للمقربين فإنّهم إن حشروا يوم القيامة مع «الابرار» وهو مقام أدنى من مقام المقربين فهو خزى بالنسبة لهم ، وذلك لأنّه يتوقع من كل شخص عمل يتناسب معه ، كما أنّ لكل شخص مقامه المناسب!.
وتحدثت الآية السادسة عن عقيدة «اليهود والنصارى» في المعاد ، قال تعالى : (وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الجَنَّةَ الَّا مَنْ كَانَ هُوداً أَو نَصَارى).