وجهاء قريش اللوم لأبي جهل على فعله ، وقالوا له أملكك حبُ محمدٍ يا أبا جهل؟ فقال كلاً والله إنّ حبّه لم يدخل قلبي ، لكنني شاهدتُ حراباً على يمينه وشماله فخفت إنْ لم البِّ دعوته أن تمزقني تلك الحراب (١)!.
وعلى أيّة حال فإنّ دلالة الآية على تأثير الإيمان بالمعاد على سلوك الإنسان ظاهر بكل وضوح.
* * *
وفي الآية العاشرة طُرِحت نفس هذه المسألة أي العلاقة بين «الإيمان بالحياة بعد الموت والحساب والجزاء والقيامة» وبين «أعمال الإنسان في هذه الدنيا والمسائل المتعلّقة بالتربية» ولكن بنحوٍ آخر ، قال تعالى : (بَلْ يُريدُ الْإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ* يَسْئَلُ أَيَّانَ يَومُ القِيَامَةِ).
وَهل يمكن للإنسان الذي يؤمن بعظمة الله ، وقدرته على خلق جميع هذه الأجرام السماوية والمجرّات والعوالم العجيبة ، أن ينكر قدرته على احياء الموتى؟!
بناءً على هذا لا يكون الهدف من انكار هذا الإنسان إلّاالتحرر من القيود من أجل اشباع جميع غرائزه ، وليبسط يديه في الظلم وهتك حدود العدالة وارتكاب الذنوب ، أنّه يريد أن يخدع نَفسهُ بهذا الاسلوب حتى تصل به القناعة المزيّفة بأُسلوبه هذا حدّاً يجعله يخلق الاعذار والتبريرات لإخفاء قباحة أعماله عن أنظار الناس ، إنّه يريد أن يحطّم السدّ العظيم الذي أوجده الإيمان بالمعاد للمنع من ارتكاب أي نوع من المعصية ، وهذا الأمر لا يختص بالزمان الماضي ، فاليوم كالأمس أيضاً.
لهذا ذُكِر في البحوث المتعلّقة بالدوافع نحو التمايل إلى الماديّة وإنكار المبدأ والمعاد ، أنّ إحدى تلك الدوافع هو الهروب من عِبءِ المسؤوليات وتجاوز السنن الإلهيّة وخداع الوجدان الإنساني.
__________________
(١) تفسير الكبير ، ج ٣٢ ، ص ١١١ ؛ وتفسير روح البيان ، ج ١٠ ، ص ٥٢٢.