وهناك روايات كثيرة في هذا المجال طبعاً سوف نُشير إليها لاحقاً ـ إن شاءالله ـ.
ومن العجائب الاخرى هو ما نُقل في تفسير «الميزان» عن بعض المفسرين الّذين اعتبروا الآية مختصة بـ «شهداء بدر» وادّعوا بأنّها لا تشمل جميع الشهداء! (يجب الالتفات إلى أنّ المفسرين صرّحوا بأنّ الآية الاولى نزلت في شهداء احُد والثانية في شهداء بدر (١) ، ولكن على أيّة حال فإنّ أسباب النزول لا تحّد من مفهوم الآيات مهما كان المورد ، فالآية إذن تشمل جميع الشهداء بصورة مطلقة).
وما يلفت الانتباه هو أنّ المرحوم العلّامة الطباطبائي بعد أن نقل هذا التفسير أضاف : «إنّ بعض المفسرين فسّروا الآية السابقة لهذه الآية (أي الآية ١٥٣ من سورة البقرة) الّتي تأمر بالاستعانة بالصبر» (٢).
ولكن على أيّة حال فإنّ الآية تحدّثت عن الشهداء فقط ، إلّاأنّها لم تنفِ غيرهم ، من هنا يطرح هذا السؤال وهو : إن كانت حياة البرزخ تعمّ جميع البشر فما هو فضل الشهداء على الآخرين؟!
والجواب على هذا السؤال واضح ، وهو أَنّ فضلهم على غيرهم هو في كيفية حياتهم .. الحياة في جوار رحمة الله والتنعّم بأنواع النعم والرزق الإلهي ، لكنّ حياة البرزخ للآخرين لا تشتمل على هذه البركات طبعاً.
* * *
أمّا الآية الرابعة فهي في الواقع تمثّل النقطة المقابلة لما جاء في آيات الشهداء ، وذلك لأنها تتحدّث عن عذاب «آل فرعون» في البرزخ ، قال تعالى : (وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ) ، ثم يُبيّن ماهية هذا العذاب بقوله : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِّياً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ ادْخِلُوْا آلَ فِرْعَوْنَ اشَدَّ الْعَذَابِ) ، ومِنَ الواضح هو إنَّ النّار التي ذُكرت في
__________________
(١) وقال البعض أيضاً : إنّ الآية المتعلقة بسورة آل عمران نزلت في شهداء بدر بينما نزلت الآية المتعلقة بسورةالبقرة في شهداء بدر واحد معاً.
(٢) تفسير الميزان ، ج ١ ، ص ٣٥٢.