علمنا أنّه علم للذات ، وأنّها (١) ليست من المشتقّات. وأيضا إذا أردنا أن نذكر ذاتا ، ثمّ نصفه بصفات ، نذكره أوّلا باسمه ، ثمّ نصفه بصفات. نقول : زيد العالم الزّاهد ، قال تعالى : (هُوَ (٢) اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ) ولا يرد (الْعَزِيزِ (٣) الْحَمِيدِ اللهِ) لأنّ على قراءة (٤) الرّفع تسقط السّؤال ، وعلى قراءة الجرّ هو نظير قولهم : الكتاب ملك للفقيه الصّالح زيد ؛ ذكر (زيد) لإزالة الاشتباه.
وقيل : بل هو مشتقّ ، وعزاه الثّعلبى لأكثر العلماء. قال بعض مشايخنا : والحقّ أنّه قول كثير منهم ، لا قول أكثرهم. واستدلّ بقول رؤبة :
لله درّ الغانيات المدّه |
|
سبّحن واسترجعن من تألّهى (٥) |
فقد صرّح الشاعر بلفظ المصدر ، وبقراءة ابن عبّاس (ويذرك وإلاهتك (٦)) ثمّ قيل : مادّته (ل ى ه) من لاه يليه إذا ارتفع ؛ لارتفاعه ـ تعالى ـ عن مشابهة المثليّات. وقيل : مادّته (ل وه) من لاه يلوه إذا احتجب (٧) ؛ لاحتجابه ـ تعالى ـ عن العقول والعيون ، أو من لاه يلوه : اضطرب ؛ لاضطراب العقول والأفهام دون معرفة ذاته وصفاته ، أو من لاه البرق
__________________
(١) كذا فى ا ، ب. والتأنيث باعتبار الكلمة
(٢) الآية ٢٤ سورة الحشر.
(٣) الآيتان ١ ، ٢ سورة ابراهيم.
(٤) هى قراءة نافع وابن عامر وأبى جعفر ، كما فى الاتحاف.
(٥) المده هنا جمع المادهة ، وهى لغة فى المادحة. وكأن المراد انهن يمدحن انفسهن. وانظر اللسان فى (مده).
(٦) الآية ١٢٧ سورة الأعراف ، وهى قراءة الحسن وابن محيصن مما فوق العشرة. وانظر الاتحاف. والمراد أن الإلاهة فى الآية العبادة ، فكانت مصدر الاشتقاق.
(٧) الذى فى اللسان والقاموس بهذا المعنى لاه يليه من اليائى.