وقوله : (أَتى (١) أَمْرُ اللهِ) إشارة إلى القيامة ، فذكره بأعمّ الألفاظ. ويقال : أمر القوم ـ مثال سمع ـ أى كثروا. وذلك لأنهم إذا كثروا صاروا ذا (٢) أمير ، من حيث إنّه لا بدّ لهم من سائس يسوسهم.
* * *
والأمر ورد فى نصّ التنزيل على ثمانية عشر وجها :
الأول بمعنى الدّين والملّة (حَتَّى جاءَ (٣) الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ) أى دين الله ، (فَتَقَطَّعُوا (٤) أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ) أى دينهم.
الثانى : بمعنى الكتاب والمقالة (إِذْ يَتَنازَعُونَ (٥) بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ) أى قولهم.
الثالث : بمعنى وجوب العذاب والعقوبة : (وَغِيضَ (٦) الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ).
الرابع : بمعنى إيجاد عيسى بكمال القدرة (سُبْحانَهُ إِذا قَضى أَمْراً)(٧).
الخامس : بمعنى القتل فى المحاربة : (لِيَقْضِيَ (٨) اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً) (فَإِذا جاءَ(٩) أَمْرُ اللهِ) أى الحكم (١٠) بقتلهم.
__________________
(١) أول سورة النحل
(٢) كذا وهو هكذا فى مفردات الراغب. والمناسب لقوله : «صاروا» أن يقول : «ذوى» والقوم اسم جمع يفرد فى الحكم ويعود ، يقال القوم حاضر
(٣) الآية ٤٨ سورة التوبة
(٤) الآية ٥٣ سورة المؤمنون
(٥) الآية ٢١ سورة الكهف
(٦) الآية ٤٤ سورة هود. وقوله ان الأمر فى الآية وجوب العذاب يريد العذاب الواجب المقدر
(٧) الآية ٣٥ سورة مريم. والأمر فى الآية عام يدخل فيه ايجاد عيسى ولا يخص به. ولكنه يسير فى هذه الأبواب على هذا النحو. فيأتى للعام فيخصصه بما نزل فيه أو ما سبق لأجله فليتنبه
(٨) الآية ٤٤ سورة الأنفال
(٩) الآية ٧٨ سورة غافر
(١٠) الأولى تفسير أمر الله بنزول العذاب بهم ، كما جاء فى الجلالين