اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ)(١) أى آثروه (٢) عليه. وحقيقة الاستحباب أن يتحرّى الإنسان فى الشىء أن يحبّه. واقتضى تعديته بعلى معنى الإيثار ، وفى الحديث الصّحيح (٣) «إذا أحبّ الله عبدا دعا جبرئيل فقال : إنى أحبّ فلانا فأحبّه فيحبّه جبرئيل ، ثم ينادى فى السّماء فيقول : إنّ الله يحبّ فلانا فأحبّوه فيحبّه أهل السّماء ، ثمّ يوضع له القبول فى الأرض» وفى البعض ذكر مثل ذلك. وفى الصّحيح أيضا : «ثلاث من كنّ فيه وجد بهنّ حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه ممّا سواهما ، وأن يحبّ المرء لا يحبّه إلّا لله» (٤) ، وفى صحيح البخارىّ : «يقول الله تعالى : من عادى لى وليّا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلىّ عبدى بشيء أحبّ إلىّ من أداء ما افترضته عليه ، ولا يزال عبدى يتقرب إلىّ بالنّوافل حتّى أحبّه. فإذا أحببته كنت سمعه الّذى يسمع به ، وبصره الّذى يبصر به ، ويده الّتى يبطش بها ورجله التى يمشى بها. وإن سألنى أعطيته (٥) ولئن (٦) استعاذنى لأعيذنّه. وفى الصّحيحين من حديث أمير السّريّة الذى (٧) كان يقرأ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) لأصحابه فى كلّ صلاة وقال : لأنّها صفة الرّحمن وأنا أحبّ أن أقرأ بها فقال النبىّ صلىاللهعليهوسلم : «أخبروه أنّ الله يحبّه» وعن التّرمذى عن
__________________
(١) الآية ٢٣ سورة التوبة.
(٢) فى الأصلين : «آثروا».
(٣) ورد هذا الحديث فى البخارى ومسلم ، كما فى رياض الصالحين.
(٤) بقية الحديث : «وأن يكره أن يعود فى الكفر كما يكره أن يقذف فى النار» كما فى البخارى فى كتاب الايمان ، وقوله فى الحديث : «وجد بهن» ليس فى البخارى «بهن». وهى فى رواية فى الترغيب والترهيب.
(٥) فى الأصلين : «لأعطينه» وما أثبته عن رياض الصالحين.
(٦) فى الأصلين : «ان» وما أثبته عن رياض الصالحين.
(٧) فى الأصلين : «التى». وهذا الخبر فى الصحيحين ، كما فى رياض الصالحين.