وعلى هذا أيضا قوله (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ)(١). وقال بعض العلماء : إنما سمّى المال هاهنا (٢) خيرا تنبيها على معنى لطيف ، وهو أنّ المال [الذى](٣) يحسن الوصيّة به ما كان مجموعا من وجه محمود. وعلى ذلك قوله : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ)(٤) وقوله : (فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً)(٥) قيل : عنى به مالا من جهتهم ، [و](٦) قيل : إن علمتم أن عتقهم يعود عليكم وعليهم بنفع أى ثواب.
وقوله تعالى : (أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي)(٧) أى آثرت حبّ الخير عن ذكر ربّى. والعرب تسمّى الخيل الخير لما فيها من الخير. وقوله تعالى : (لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ)(٨) أى لا يفتر من طلب المال وما يصلح دنياه. وقوله تعالى : (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) (٩) أى بخير لكم فإن يكن تخفيفا كان خيرا فى الدّنيا والآخرة. وإن يكن تشديدا كان خيرا فى الآخرة لأنّهم أطاعوا الله ـ تعالى ذكره ـ فيه.
وقال ابن عرفة فى قوله تعالى : (أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ)(١٠) لم يكن على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم خير من نسائه ، ولكن إذا عصينه فطلّقهن على المعصية فمن سواهنّ خير منهنّ.
وقال الرّاغب : الخير والشّرّ يقالان على وجهين :
أحدهما : أن يكونا اسمين كما تقدّم.
__________________
(١) الآية ٨ سورة العاديات.
(٢) أى فى آية الوصية.
(٣) زيادة من الراغب.
(٤) الآية ٢٧٣ سورة البقرة.
(٥) الآية ٣٣ سورة النور.
(٦) زيادة من الراغب.
(٧) الآية ٣٢ سورة ص.
(٨) الآية ٤٩ سورة فصلت.
(١٠) الآية ١٠٦ سورة البقرة.
(١١) الآية ٥ سورة التحريم.