وأما ما ذكره من ثناء الله تعالى عليهم في كتابه ، فغير مفيد له ؛ لأنّ المقصود بالآيات التي ذكرها هو بعضهم ؛ فإنّ المراد بالسابقين في الآية الأولى : : هو خصوص من أسلم في أوائل البعثة ، بل بعضهم خاصة ؛ وهم المحسنون منهم ؛ بدليل تتمتها ، وهي قوله تعالى في سورة التوبة : ( وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ ) (١) .
فإنّ التبعية بالإحسان تستدعى المشاركة فيه ، ونحن لا نشك بأن السابقين المحسنين محل للثناء من الله عزّ وجلّ ومن رسوله ، سواء ماتوا أم قتلوا في حياة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أم بقوا بعده .
وأما الآية الثانية : فالممدوح بها من آمنوا بألسنتهم وقلوبهم ، وثبتوا على الإيمان ، وعملوا بطاعة الرحمن ، فإنّهم هم الذين يسعى نورهم بين أيديهم ، لامن انغمس فى ظلمات المعاصى وارتد القهقرى أو حارب من حربه حرب الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقد قال رسول الله لعلي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «حربك حربي» (٢) .
ولا من دخل في زمرة المنافقين بحكم النبي الأمين ؛ وهم الذين أبغضوا علياً ، وأولئك أكثر الصحابة .
وكذا الكلام في «الآية الثالثة» : فإنّ الممدوح بها من وصفهم سبحانه بأنهم : ( أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا) (٣) .
__________________
(١) سورة التوبة ٩ : ١٠٠.
(٢) مناقب الخوارزمي : ٢٠٠ ، شرح نهج البلاغة ٢ / ٢٩٧ ، وفي رواية أخرى قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أنا حرب لمن حاربكم ... »الحديث .
انظر : المعجم الصغير ٢ / ٣ ، جامع الأصول ٩ / ١٥٧ ح٦٧٠٧.
(٣) سورة الفتح ٤٨ / ٢٩.