وأقول :
قوله : «هذا قضاء الله في الحرب أراد به ــ بمقتضى مذهبه من الجبر ــ أنّه قضاءً حتمٌ ، ليرفع بذلك العيب عن المنهزمين بعيب سبحانه ، حيث قضى عليهم حتماً بالفرار ، وذمّهم على فعله.
وأمّا قوله : « لِيُعْلَمْ أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان مؤيداً » ... إلى آخره .
فهو مخالف بظاهره لمذهبه من أن أفعال الله تعالى غير معللة ، بالأغراض ، ولو علل فرارهم بما اشتملت عليه الآية من إعجابهم بكثرتهم ووردت به الرواية من أنّ أبا بكر هو الذي أعجبته كثرتهم ــ كان أولى .
وأما ما نسبه إلى البخاري من رواية البراء ، فلا يبعد أن المراد بها ما رواه في كتاب الجهاد (١) بتغير يسير .
وكذا رواه مسلم في كتاب الجهاد. (٢)
وهو من الكذب الواضح ؛ لمخالفته لما تضافرت به الأخبار من فرار المسلمين عامة إلا النادر ، وقد سبق جملة منها في مطلب جهاد أمير المؤمنين عليهالسلام (٣) ؛ ولأنه لو كان الفارون هم الشبان والأخفاء ، وقد خرجوا حسّراً ليس عليهم سلاح ــ كما في رواية البخاري ــ أو ليس عليهم كثير سلاح ، ولقوا قوماً رماة لا يكاد يسقط لهم سهم ، ولا يكادون يخطئون ، لما
__________________
(١) في باب من صف أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته واستنصر . منه قدسسره .البخاري ٤ / ١١٦ ح ١٤١.
(٢) في باب غزوة حنين . منه قدسسره . صحیح مسلم ٥ / ١٦٧ ــ ١٦٨ .
(٣) راجع ص ٣٩٨ ج ٦ .