الطلقاء فأدبروا عنه حتى بقي وحده ...» (١) الحديث .
ولكن يرد على قوله : ــ بقي وحده ــ أن عليا عليهالسلام لا شك ولا خلاف في ثباته ، وأنّه مدار الحرب وقطبها ، وكذلك ثبت العبّاس ، وبعض بني هاشم ، كما حققناه في جهاد أمير المؤمنين عليهالسلام .
كما لا شك ولا خلاف في فرار أبي بكر وعثمان ، كما يدلّ عليه كلام الاستيعاب في ترجمة العبّاس (٢) ، وإنما الخلاف بينهم في فرار عمر .
ويظهر من الاستيعاب اختيار فراره ــ وهو الصواب كما أوضحناه في المطلب المشار إليه ، وذكرنا فيه خبرين صريحين في فرار عمر ، فراجع (٣) .
وأمّا ذكره من القول : «بأن الثابتين كانوا ثلاثمائة رجل» ، فلا يبعد أنّه من مفترياته بدليل أن غاية ما روي في عدد من فاؤا للحرب بعد الهزيمة أنّهم مائة.
روى الطبري في تأريخه (٤) «أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لما رأى الناس لا يلوون على شيء قال : يا عباس ! اصرخ يا معشر الأنصار ! يا أصحاب السمرة ! قال : فناديت ، فأجابوا : أن لبيك لبيك ... إلى أن قال : حتى اجتمع إليه منهم مائة رجل استقبلوا الناس فاقتتلوا ...» (٥) الحديث .
وأما قوله : «لم ندع عصمة الصحابة من الذنوب»
فصحيح ، لكنّهم يمنعون عن الطعن بهم ويوجبون تعظيمهم ، والإغضاء عن قبائحهم ، خلافاً لله سبحانه حيث فضحهم بها في صريح
__________________
(١) صحيح البخاري ٥ / ٣١٩ ح ٣٣٣ وص ٣٢٠ ح ٣٣٧ ، صحيح مسلم ٣ / ١٠٦.
(٢) الاستيعاب ٢ / ٨١٢.
(٣) راجع الصفحة ٤٢٥ من الجزء السادس من هذا الكتاب.
(٤) ص : ١٢٨ ج ٣ . منه قدسسره .
(٥) تاريخ الطبري ٢ / ١٦٨.