كتابه ، وذمّهم على إتيانهم أكبر الذنوب .
وغرض المصنف رحمهالله من ذكر مطاعنهم بيان أن اجتماع أكثرهم على أبي بكر لا يقتضي سلامته وإمامته ، لعِلْمِنا بإتيان أكثرهم القبيح وارتكاب عامتهم أعظم الذنوب إلا الأندر منهم .
ولتعلم أنّ أبا بكر وصاحبيه ليسوا أهلاً للإمامة ، لأن من تصدر منه تلك الكبيرة العظيمة لا يؤْمَنُ على الأمة وأموالهم ونصر الإسلام عند الزحام .
وقوله : « وقد عفا الله عنهم ، على ما يقتضيه النص»
خطأ ، فإنّ الآية الكريمة لم تدلّ على توبة الله تعالى على الفارين جميعاً ، بل على من يشاء خاصة ، على أنّه قد يقال : أن المراد ب ــ ( مَن يَشَاءُ ) : ناس من الكافرين المحاربين ، وبالتوبة عليهم : إسلامهم كما في الكشاف » (١) ، ولم يذكر غير هذا المعنى ، فلا يكون في الآية دلالة على توبة الله على أحد من الفارين .
ولو سلّم فالتوبة عليهم لا تمنع من الطعن بهم بالنقصان ، وأنهم محل لارتكاب أكبر الذنوب ، والتلبس بأعظم العيوب ، فلا يمتنع اجتماعهم على شخص للهوى وحبّ الدنيا ، وحسداً وعداوةً لولي الأمر .
وأما ما نقله من القول بأنّ : «المراد بالمؤمنين الذين أنزل الله عليهم السكينة هم الفارون» ، فقول صادر عن بعض أصحابه.
وقال بعضهم : المراد منهم الثابتون كما في «الكشاف » (٢) وهو الأصح ؛ لأن الله سبحانه جمعهم مع رسوله في إنزال السكينة عليهم ، ولا
__________________
(١) الكشاف ٢ / ١٨٣.
(٢) الكشاف ٢ / ١٨٢.