فلا معنى لزعمه أن ذلك دأب أرباب التعصب ، فإن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا أراد بحط منزلة الشيخين إرشاد الناس إلى عدم صلوحهما للإمامة ، لجبنهما ، وارتكابهما أكبر الذنوب بالفرار من الزحف ، وتوهين الإسلام ، كان من أقرب الأمور إلى السداد وأصحها للأُمّة ، والتعصب لا يحصل إلا فيما يكون هضماً للحق وحيفاً على الحقيقة .
وأما ما ذكره من معنى الآية ، وعدم دلالتها على أن فعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بوحی الله تعالى ، فغيرُ متجه ، لأنّ مقصود المصنف بالاستدلال هو قوله تعالى : ( إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ) (١) لا مجرد قوله : ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ ) (٢) .
وأنت تعلم أن مقتضى الحصر في الآية أنه لا ينطق عن رأي واجتهاد ، لأنهما غير الوحي ، فيكون تقديم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لهما بوحي الله تعالى ، فإذا أوحى إليه به ــ مع علمه سبحانه بانهزامهما ــ وأن الفتح على يد علي عليهالسلام لزم أن يكون تعالى مريداً بذلك إظهار فضل عليّ ، وحط منزلة الرجلين ، وإلا كان أمره تعالى بتقديمهما عبثاً .
ثمّ من حكمته سبحانه أنّه لم يقدمهما إلا بعدما أرمد علياً عليهالسلام ؛ لئلا
__________________
٦٢ وص ٦٤ وص ٨٢ وج ٥ / ٣٩١ ، الخصائص للنسائي : ٩٩ ح ١٢٤ و ١٢٥ و ١٠٤ ــ ١٠٥ ح ١٣٥ ــ ١٣٧ ، مسند أبي يعلى ٢ / ٣٩٥ ح ١١٦٩ ، مصنف ابن أبي شيبة ٧ / ٥١٢ ح٢ و ٣ ، المعجم الكبير ٣ / ٣٥ ــ ٤٠ ح ٢٥٩٨ ، المعجم الأوسط ١ / ١٧٤ و ١٧٥ح ٣٦٨ وج ٣ / ٩٠٨ ح ٢١١ وج ٤ / ٥٢٠ ح ٤٣٣٢ ، تاریخ بغداد ١ / ١٣٨ و ١٤٠ وج ٤ / ٢٠٧ وج ٦ / ٣٧٢ ــ ٣٧٣ ح ، وج ٩ / ٢٣١ وج ١١ / ٩٠ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٨٢ ــ ١٨٣ و ٢٠١ ، مصابيح السنة ٤ / ١٩٣ ح٤٨٢٧وص ١٩٦ح ٤٨٣٥.
(١) سورة النجم ٥٣ : ٣ .
(٢) سورة النجم ٥٣ : ٢ .