أدبر شيء فأقبل» ، وبقوله : «وإنّي لأخشى أن تكونوا في فترة».
وقد صدق عليهالسلام ، فإن الفترة قد وقعت بأعظم مما كان في السالفة ، فقامت دول الضلال بمحو آثار النبوة ، والحكم بأحكام الجاهلية ، والعمل بأعمالهم ، وصار أئمة الحق الذين أوجب رسول الله على أمته بهم في زوايا الخمول والإهمال ، وهم الذين أشار إليهم أمير المؤمنين عليهالسلام ووصفهم بأوصافهم الحقيقية بقوله : «ألا إن أبرار عترتي ...»إلى آخر الخطبة الأولى .
وأما الثانية ، فقد ناقش الخصم أوّلاً بصحتها ، وادعى ثانياً معارضتها ، وزعم ثالثاً عدم إفادتها الطعن بخلفائهم .
ويردّ على الأوّل : إنّ صحة الرواية إما أن تثبت بصحة السند ، أو بكثرة طرقها وشهرتها بين المخالف والمؤالف ، أو بموافقة مضمونها لما هو ثابت ، وهذه الخطبة الشقشقية إن سلّمنا أنّها لم تصح من الجهة الأولى ، فهي صحيحة من الجهتين الأخيرتين .
أما من أولاهما : فلأنها قد رواها الكثير منا ، وجماعة منهم كالحسن ابن عبد الله العسكري الذي حكاها المصنّف عنه ، وقد ترجمه في وفيات «الأعيان وكنّاه بأبي أحمد وأثنى عليه ، قال :
هو أحد الأئمة فى الآداب والحفظ ، وهو صاحب أخبار ونوادر ، وله رواية متسعة ، وله التصانيف المفيدة ... إلى أن قال : وكانت ولادته ي ــ وم الخميس لست عشره ليلة خلت من شوال سنة ٢٩٣ ، وتوفّي يوم لسبع خلون من ذي الحجة سنة ٣٨٢ (١) ، وكأبي علي الجبائي ، وأبي هلال
__________________
(١) وفيات الأعيان ٢ / ٨٣ ــ ٨٤ رقم ١٦٤ .