عرفت في أوّل مباحث الإمامة (١) أنّه مخالف للعقل والنقل.( أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّي إِلَّا أَن يُهْدَىٰ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (٢) .
وأما قوله : « ولمّا رأى معاوية غير أهل للخلافة حاربه ومنعه من الخلافة» ، ففيه :
أولاً : إنّه إذا علم الخصوم رأي أمير المؤمنين عليهالسلام ــ الذي يدور معه الحقِّ حيث دار ــ في معاوية ، على وجه استباح تلك الحرب الشعواء ، عن الخلافة ، فما بالهم اتخذوه خليفة حق ويترضون عليه ؟!
أكانوا أعرف بمعاوية من أمير المؤمنين عليهالسلام ، أو أحق منه بمراعاة الحق ، وأتقى الله تعالى ؟!
وثانياً : إن حربه له ليس لمنعه عن الخلافة ، فإن معاوية لم يدعها حينئذ ، بل لأنه يراه ضالاً مضلاً ، لا يصلح أن يتخذه عضداً ووالياً عنه.
فإنّ معاوية لما علم رأيه فيه ، تعلّل لمخالفته بالطلب بدم عثمان ، بعد أن كان من الخاذلين له ــ كما سبق ــ فحاربه أمير المؤمنين لضلاله وبغيه بأمر الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث عهد إليه أن يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين (٣) .
وثالثاً : إن محاربة أمير المؤمنين عليهالسلام لمعاوية دون المشايخ الثلاثة لا تدل على صحة خلافتهم ، للفرق بوجود الناصر له على مغاوية دونهم ، كما هو ظاهر .
__________________
(١) راجع ٤ / ٢٣٥ وما بعدها من هذا الكتاب.
(٢) سورة يونس ١٠ / ٣٥.
(٣) راجع ٧ / ٤٣٧ هامش ١ من هذا الكتاب.