البخاري في كتاب بدء الخلق (١) : إنَّ ابن أبي بن سلول قال : لئن رجعنا إلى المدينة ليُخرجن الأعز منها الأذل .
فقال عمر : ألا نقتل يا رسول الله ! هذا الخبيث ؟
فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا يتحدث الناس أنه يقتل أصحابه (٢) .
وروى ــ أيضاً ــ نحوه في كتاب التفسير (٣) .
وأما قوله : ولو كان أمثال هذه الأمور صادرة عن عمر لإساءة الأدب لكان مشتهراً بالنفاق كعبد الله بن أبي بن سلول .
ففيه : إن له طريقة في مخالفة النبي لا تشبه طريقة ابن أبي ، فإنّ ابن أبي كان يظهر في كثير من أحواله مظهر العداوة لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ودينه ، بخلاف عمر فإنّه كان يخرج في مخالفاته في حياة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مخرج الشفقة على الإسلام وأهله ، وبعد حياة النبي يخرج مخرج أنّها من الدين ومصالحه ، وأمضتها رياسته وإقبال الدنيا عليه ، والأعوان الذين همّهم العاجلة .
فتراهم حتى اليوم يسدّدون أمره ، ويحملون ما كان منه في حياة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وبعده على الصحة ، ولا يصفون إلى انتقاد منتقد ، وإن جاءهم بأعظم البينات ، فإذا إضطرهم المجال نسبوه إلى الاجتهاد ، أي أنّ له رأياً محترماً ، وإن خالف الله ورسوله ، وأبطل الكتاب والسنة وهو مرتبة ف ــ مرتبة النبوّة ، وحاكمة على الله وكتابه.
__________________
(١) في باب ما ينهى من دعاء الجاهلية . منه قدسسره .
(٢) صحيح البخاري ٥ / ٢٠ ذيل ح٣٠.
(٣) في تفسير سورة المنافقين في باب قوله تعالى : ( أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ) الآية . منه قدسسره .صحيح البخاري ٦ / ٢٦٨ ح ٣٩٥ وص ٢٧٠ ، مقطع من ح٣٩٩.