ولم يكن عمر يظهر في حياة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مظهر المعارضة الصريحة له ، والردّ لأمره بلا مبالاة إلا في قصّة الهجر ، فإنّه علم حينئذ موت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعرف كثرة أنصاره وأهل رأيه ، ولا عطر بعد عروس (١) .
وأما قوله : إن فعل عمر موافق لمذهب الإمامية ... إلى آخره .
ففيه : إنا لا نقول : بوجوب جزاء المعصية والعقاب عليها ، بل نقول :
باستحقاق العقاب على المعصية ، وأن الله العفو عنها ، لأن العقاب حقه .
نعم ، نقول : بوجوب جزاء الطاعة والثواب عليها ، ولكن لا يلزم منه موافقة فعل عمر لمذهبنا ، إذ لا يلزم من مذهبنا القول بعدم كفاية الشهادة بالوحدانية في دخول الجنّة .
على أن عمر لم يمنع من هذا ، وإنما يقول : إن التظاهر به يوجب التسامح في الأعمال ، والاتكال على الشهادة ، وهو مسألة أخرى .
__________________
(١) لا عطر بعد عروس : مثل يضرب لمن لا يدّخر عنه نفيس ، وأوّل مَن قاله ــ كما في كتب الأمثال واللغة ــ امرأة من بني عذرة ، يقال لها : أسماء بنت عبد الله العذرية ، وكان زوج من بني عمها يُقال له : عروس ، فمات عنها ، فتزوجها رجل من غير قومها يقال له : نوفل ، وكان أعسر أبخر بخيلاً دميماً ، فلما أراد أن يظعن بها قالت له : لو أذنت لي فرثيت ابن عمي وبكيت عند رمسه .
فقال : افعلي.
فقالت : أبكيك يا عروس الأعراس ! يا ثعلباً في أهله وأسداً عند الناس !قالت : يا عروس الأغرّ الأزهر ... مع أشياء له لا تذكر .
قال : وما تلك الأشياء ؟
قالت : كان عيوفاً للخنا والمنكر ، طيب النكهة غير أبخر ، أيسر غير أعسر .
فعرف الزوج أنّها تعرّض به ، فلما رجل بها قال : ضمي إليكِ عطرك ، وقد نظر إلى وعاء عطرها مطروحاً ، فقالت : لا عطر بعد عروس ، فذهبت مثلاً .
انظر : مجمع الأمثال ٣ / ١٥١ رقم ٣٤٩١ ، المستقصى ٢ / ٢٦٣ رقم ٩١٩ ، تاج العروس ٨ / ٣٥٨ مادة «عرس » .