فعله بين المسلمين ، حتّى ما أطاعوه بالنحر والحلق ، وقد أمرهم ثلاثاً ، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها مالقي من الناس ، كما رواه البخاري في تتمة الحديث (١) .
ولو ذكر المصنف رحمهالله هذه التتمة لكانت دخيلة بمقصوده ، وإن كفى بالطعن بهم الطعن السابق في كبيرهم ، بل فيهم ذاتاً من حيث اعتبارهم له وتأميرهم إياه.
وقد كشفت لهم هذه الواقعة عن حاله ، وهذا الصلح قد كان فتحاً مبيناً حتّى أنزل الله تعالى فيه : «إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً» (٢) ، كما رواه البخاري في غزوة الحديبية ، ومسلم في صلح الحديبية (٣) .
وأمّا اعتذار الخصم عن شك عمر بعروض مثله للرسل ، لقوله تعالى : ( حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا ) (٤) الآية.
فمبني على رجوع ضمير ظنّوا إلى الرسل ، على معنى أنهم ظنّوا أنّ الله سبحانه قد أخبرهم بالنصر كذباً ، فيكون عذراً عن عمر بشكه ، وهو ظاهر البطلان ؛ لاستلزامه كفر الرسل بظنّهم كذب الله سبحانه في إخباره ، وهو خلاف الإجماع ؛ لأنّهم معصومون عن الكفر حتى عند السُنّة ، فلابد من رجوع الضمير إلى قومهم المفهوم من صدر الآية ، لأن معناها حتّى إذا استيأس الرسل من قومهم وظنّ قومهم أنّ الرّسل كذبوا ، أو إلى نفس الرسل على معنى : أنهم ظنوا أن أصحابهم المؤمنين كذبوهم في إيمانهم ، سواءً
__________________
(١) صحيح البخاري ٤ / ٤١ مقطع من ح ١٨ .
(٢) سورة الفتح ٤٨ : ١.
(٣) صحيح البخاري ٥ / ٢٢٦ ح٢٠٣ ، صحیح مسلم ٥ / ١٧٦
(٤) سورة يوسف ١٢ : ١١٠ .