تؤثر عنهما كلمة حسنة في المقام .
وما زعمه الفضل من أنّ الأنصار لم يبايعوا على الخروج للحرب ، فمنقوض بالمهاجرين ، فإنّهم لم يبايعوه ــ أيضاً ــ على ذلك.
وقد كان خطاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عاماً للجميع ، فأجابه كل من المهاجرين والأنصار حتى أجابه المقداد بعد سعد بن عبادة ، كما في رواية الزمخشري الآتية .
ولو كان يريد الأنصار لما أجابه المقداد بعد سعد ، إذ لا يمكن أن يخفى عليه إرادة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم للأنصار ، ويظهر للفضل وأشباهه ، فإذا كان الشيخان على ذلك الرأي غير المرغوب به للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في أوّل الحال ، فكيف يستنير برأيهما في ثاني الحال .
الثاني : إن ما ذكره من إعراض النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن المقداد أكذب من سابقة.
روى البخاري في غزوة بدر في أوّل الجزء الثالث من صحيحه عن ابن مسعود قال : شهدت من المقداد بن الأسود مشهداً لأن أكون صاحبه أحبّ إليَّ ممّا عُدل به (١) .
أتى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : لا نقول كما قال قوم موسى : ( فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا ) (٢) ، ولكنا نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك
__________________
(١) ممّا عُدلَ به : أي وُزِنّ ؛ من كلّ شيء يقابل ذلك من الدنيويات ، وقيل : من الثواب ، أو المراد الأهم من ذلك ، ومراد المتكلّم : المبالغة في عظمة ذلك الشي والعدل : الكيل ، وعدل الشيء عدلاً وعادله : وازنه ، وقيل : العدل ؛ تقويمك الشيء بالشيء من غير جنسه ، وقيل : هو المثل وليس بالنظير عينه.
انظر : لسان العرب ٩ / ٨٤ . مادة « عَدَلَ ».
(٢) سورة المائدة ٥ : ٢٤ .