ولو فرض أنّه أراد ما ذكره الخصم فهو لا يضر المصنف رحمهالله الأن مشاورتهما وأشباههما إنّما هي للتأليف كما مر مراراً ، وقد عرفت أيضاً سخافة دعوى وزارتهما ، وضلالة القول بأنّه لا يصدر إلا عن رأيهما .
وأما ما زعمه من التواتر فهو كسائر مزاعمه الكاذبة التي لا يخفى حالها حتى على الجهال .
نعم ، المعلوم هو تدخلهما بما ليس لهما التدخل فيه ، ولا سيّما عمر ، فيعرض النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم تكرماً وتأليفاً .
الرابع : إنّ ما زعمه من مخالفة قول أبي هاشم لمذهبهم مخالف لما قاله سابقاً ؛ إن لعمر منصب الاعتراض والمعارضة عند النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما عرفته في قصة رمي عمر للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما عزم عليه ، إعراضاً عن قوله سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ) (١) .
وقوله تعالى : ( لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) (٢) .
وقوله تعالى : ( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) (٣) .
إلى نحوها من الآيات الكريمة .
وأما قوله : «المشاورة لأجل أن يقال : افعل ولا تفعل»
فصحيح ؛ لكن لا لحاجة برسول الله إلى ذلك ، فإنّه غني بتعليم الله وإرشاده ، بل للتأليف وحسن العشرة ، كما عرفته في صحيح الآية .
ثمّ إنّ الفضل قد تغافل عما ذكره المصنف رحمهالله من قصة بعث أسامة
__________________
(١) سورة الأنفال ٨ : ٢٤ .
(٢) سورة الحجرات ٤٩ : ١.
(٣) سورة الأنفال ٨ : ١ .