كلّ صَعْب وذَلُولٍ ، فالعيرُ أحبُّ إليكم أم النفير ؟
قالوا : بل العير أحبّ الينا من لقاء العدو .
فتغير وجه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثم ردّد عليهم ، فقال : إن العير قد مضت على ساحل البحر ، وهذا أبو جهل قد أقبل .
فقالوا : يا رسول الله ! عليك بالعير ودع العدو .
فقام عند غضب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أبو بكر وعمر فأحسنا ، ثمّ قام سعد بن عبادة ، فقال : أنظر أمرك فامض ، فوالله لو سرت إلى عدن ما تخلّف عنك رجل من الأنصار .
ثمّ قال المقداد بن عمرو : يا رسول الله ! امض لما أمرك الله فإنّا معك حيثما أحببت ، لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى : ( فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ) (١) .
ولكن : اذهب أنت ورتك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ، مادامت تطرف.
فضحك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » (٢) الحديث .
إلى غير ذلك من الأخبار المتظافرة (٣) .
الثالث : إن ما ذكره من حاصل الكلام قد أهمل فيه الشق الثاني الذي هو مراد المصنف رحمهالله ، أعني أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يعتبر رأيهما ، وإن عمتهما المشورة كما هو صريح كلام المصنّف ومحل دليلة .
__________________
(١) سورة المائدة ٥ : ٢٤
(٢) تفسير الكشاف للزمخشري ٢ / ١٤٣ ــ ١٤٤.
(٣) أنظر : المعجم الكبير ٤ / ١٧٤ ــ ١٧٥ ح ٤٠٥٦ وج ١٠ / ٢١٢ ــ ٢١٣ ح ١٠٥٠٢ ، المستدرك ٣ / ٣٢٩ح ٥٤٨٦ ، دلائل النبوة ــ للبيهقي ــ ٣ / ١٦٠ ــ ١٠٧ ، الاستيعاب ١٤ / ١٤١٨ ــ ١٤٨٢.