على ترك الصلاة للجنب ... إلى آخره ، من المضحكات ؛ إذ أية آية أو سُنّة يمكن أن يفهم منها الدلالة على ترك الصلاة ؟ !
وقياس عدم نصوصية الآية في وجوب التيمم على عدم نصوصيتها في كيفيته غلط ؛ لعدم التلازم ، بل الآية الكريمة نص في خلاف فعل عمار ، وإن لم يكن نصاً في تمام الكيفية ، فلابد أن يكون فعله قبل نزول الآية ؛ إذ هو أجل من أن تخفى عليه صراحتها في خلاف فعله .
فإذا اتضح لك حال عمر ، علمت أنه لا يصلح أن يكون إماماً للمسلمين أو يكون مجتهداً أو ينسب إليه فضل ، فضلاً عن أن يقرن بمن عنده علم الكتاب ، وباب مدينة علم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم .
وقول الخصم : « وكمال علمه لا يدل على جهل غيره» ، صحيح ، لكن المصنف رحمهالله لم يرد أن يثبت بأخبار فضل أمير المؤمنين علیخ السلام جهل الغير ، وإنّما أراد أن يبيّن للمنصف الفرق بين عمر ، وبين من عنده علم الكتاب ، وأقضى الأمة ؛ ليعتبر بقوله تعالى : ( فَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّي إِلَّا أَن يُهْدَىٰ ) (١)
وقوله سبحانه : ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) (٢) .
هذا ، والأقرب أن عمر لم يكن يجهل ذلك الحكم ولا نسيه ، بل كان عامداً إلى الخلاف ؛ استكباراً عن مخالفة عمله الأول الذي وقع له مع عمار ؛ وتكبراً على عمار أن يُخَطَّئَهُ ويُرشِدَهُ ، وإلا فلم أشفق منه عمّاروقال : «إن شئت لم أحدّث به» ؟!
__________________
(١) سورة يونس ١٠ : ٣٥ .
(٢) سورة الزمر ٣٩ : ٩.