وروى ابن أبي الحديد (١) « أنّه لما بويع كتب إلى معاوية يأمره بالبيعة له ، وأن يوفد إليه أشراف الشام.
فكتب معاوية إلى الزبير : «العبد الله الزبير أمير المؤمنين .
سلام عليك ، أما بعد ..
فإنّي قد بايعت لك أهل الشام ، فأجابوا واستوسقوا ، فدونك الكوفة والبصرة لا يسبقك إليهما ابن أبي طالب ، فإنّه لا شيء بعد هذين المصرين ، وقد بايعت لطلحة بن عبيد الله بعدك ، فأظهرا الطلب بدم
عثمان ، وادعوا الناس إلى ذلك ، وليكن منكما الجد والتشمير.. ».
فلما وصل الكتاب إلى الزبير سُرّ به ، وأعلم به طلحة ، وأجمعا عند ذلك على خلاف علي .
جاء الزبير وطلحة إلى عليّ ، فقالا : قد رأيت ماكنا فيه من الجفوة في ولاية عثمان ، وقد ولاك الله الخلافة بعده ، فولّنا بعض أعمالك.
فقال لهما : ارضيا بقسم الله لكما حتى أرى رأيي ، واعلما أني لا أشرك في أمانتي ، إلا من أرضى بدينه وأمانته ، ومن عرفت دَخِيلَتَهُ .
فانصرفا عنه وقد دخلهما اليأس .
ثم ذكر أنّهما طلبا أن يولّيهما البصرة والكوفة فامتنع ، فاستأذناه العمرة ، فقال : ما العمرة تريدان ، وإنّما تريدان الغدرة ونكث البيعة.
فحلفا بالله ما الخلاف عليه ، ولا نكث البيعة يريدان .
قال لهما : فأعيدا البيعة لي ثانية ، فأعاداها بأشد ما يكون من الأيمان والمواثيق ، فأذن لهما (٢) .
__________________
(١) ص : ٧٧ مجلد ١ . منه قدسسره .
(٢) شرح نهج البلاغة ١ / ٢٣١ ــ ٢٣٢.