وقد صرّحت رواية الترمذي بلفظ الحسد ، فإنّه روى في فضل خديجة عن عائشة قالت : ما حسدت امرأة ما حسدت خديجة وما تزوجني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلا بعد ما ماتت وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بشرها ببيت في الجنّة من قصب لا صخب فيه ولا نصب ، ثمّ قال هذا حدیث حسن صحيح (١) ، وهو دالّ على حسدها لها لبشارة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إيَّاها بالجنّة وهو أقبح من سابقه وأسوء أصناف الحسد وقد غارت عائشة من صفيّة أيضاً بما يدل على النقصان الكامل .
روى أحمد في مسنده (٢) عن عن عائشة قالت : بعثت صفية إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بطعام صنعته له وهو عندي ، فلما رأيت الجارية أخذتني رِعْدَةٌ حتى استقلّني أفكل ، فضربت القصعة فرميت بها .
قالت : فنظر إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فعرفت الغضب في وجهه.
فقلت : أعوذ برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يلعنني اليوم ، قال : أولى ...» الحديث (٣) .
وروى نحوه البخاري (٤) ، لكنّه لم يصرّح باسم عائشة احتشاماً لها ، وهو مشتمل على منكرات أُخر غير الغيرة ، كإتلاف الإناء بما فيه وهو حرام في نفسه مع كونه مال الغير ، وفيه إهانة نعمة الله تعالى ، وكإغضاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعدم المبالاة به إذ فعلت الحرام بمرأى منه ، وذلك دال على انحطاط رتبتها عن أداني النساء ، فكيف تقاس بخديجة إحدى أفاضل
__________________
(١) سنن الترمذي ٥ / ٦٥٩ ح ٣٨٧٦.
(٢) ص ٢٧٧ : ج ٦ . منه قدسسره .
(٣) مسند أحمد ٦ / ٢٧٧.
(٤) في باب الغيرة من أواخر كتاب النكاح . منه قدسسره .صحيح البخاري ٧ / ٦٤ ح١٥٤.