وأكثر الأخبار التي استفادوا حب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لها إنما كانت من قبيل ما أخبرت به من لعبها بالبنات في دار النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بعلمه ، واستماعه إلى لعب الجواري لها في بيته ، وإيناسه لها بالنظر إلى لعب الحبشة في المسجد وخدها على خده (١) إلى غيرها من الأمور المنكرة المنافية للشرع والغيرة وشرف الرسالة .
وهل يحسن من عاقل أن يصدّق امرأة تخبر بملء فمها بلا حياء : أنّها دخلت بها أمها على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عند زواجه بها ، فإذا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جالس على سرير وعنده رجال ونساء ، فأجلستها في حجره فوثب الرجال والنساء ، كما رواه أحمد في مسنده (٢) .
وأما ما أجاب به عن إرادة ابن الزبير للتحجير عليها ، فلا يرفع الإشكال ؛ لأن بسط يدها في العطية لو سلّم لا تستحق به التحجير إذا كان على النحو السائغ ، فينبغي أن تكون ارتكبت ما لا يجوز ، أو أمراً سفيهاً سواء كان بيعاً أم عطاء ، ولذا هدّدها ابن الزبير بالتحجير ، ولم ينكر عليه أحد ، وإنكار عائشة نفسها لا يرفع الإشكال .
على أن المرأة لا تمدح على الكرم ، فقد ورد عن أمير المؤمنين عليهالسلام خيار خصال الرجال شرار خصال النساء ؛ الشجاعة ، والكرم (٣) .
فإن المرأة إذا كانت شجاعة غررت بنفسها كما فعلته عائشة يوم الجمل ، وإذا كانت كريمة خانت بيت وليّها .
وظنّي أنّ عائشة لم تفعل ما تستحق به هذا القول من ابن الزبير ،
__________________
(١) راجع ٤ / ٦٤ و ٧٤ من هذا الكتاب
(٢) ص : ٢١٠ ج ٦ . منه قدسسره .
(٣) انظر : نهج البلاغة : ٥٠٩ قصار الحكم رقم ٢٣٤ نحوه.