كزعم عتقها أربعين رقبة ، فإنّه ليس كفارة لحلف النذر ولا تعلّق له بها أصلاً ، على أنّه نذر باطل في نفسه ، لكونه في معصية ، ولو بكت ذلك البكاء ليوم الجمل ، لكان أولى لها .
هذا ، واعلم أنّ الفضل لم يتعرّض لحديث ابن عباس الدال على استحقاقها الهجران ، فلعله غفل عنه ، وإلا فهم لا يعجزون عن المكابرة والتأويلات السوفسطائية .
وأما ما أجاب به عن حديثي : «قرن الشيطان» ، بقوله : أشار رسول الله إلى الشرق ، كما يفسره باقي الأحاديث.
ففيه ، إنّه لا موجب للحمل ؛ إذ ربّما أشار رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في باقي الأحاديث إلى الشرق ، وفي هذين الحديثين إلى مسكن عائشة كما ه ــ و ظاهر الطائفتين ، وفهمه البخاري من أوّل الحديثين المشتمل على لفظ : مسكن عائشة ، فإنّه رواه بعينه في باب ما جاء في بيوت أزواج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من كتاب الجهاد (١) .
فيقتضي أن يكون فهم منه الإشارة إلى بيت عائشة لتحسن روايته في هذا الباب .
وأيضاً لو أراد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الإشارة إلى الشرق ، لما قال الراوي : فأشار إلى نحو مسكن عائشة ؛ إذ لم يقع وحده في الشرق من بيوت أزواج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وغيرها .
ولما أشار النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بلفظ : «هاهنا» التي هي للإشارة إلى القريب ، بل يلزم أن يقول : هناك ، كما في حديث البخاري في كتاب الفتن الذي
__________________
(١) صحيح البخاري ٤ / ١٨٣.