الإسلام ، ولذا ورد أن القدرية مجوس هذه الأُمّة (١) .
والآيات التي ذكرها الخصم لا يراد بها ظاهر معناها ، بقرينة حكم العقل ببطلانه ، وقيام الأدلة على خلافه ، كقوله تعالى :
( الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ ) (٢) ( خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ) (٣) ( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ ) (٤) ، إلى كثير من الآيات.
فلا بد من حمل الآيات التي ذكرها على إرادة فعل المقدمات التي لا يزول معها الاختيار والقدرة ، مضافاً إلى أن لفظ «الإضلال» مشترك لفظاً معان كثيرة ، منها الإهلاك ، والتدمير ، والتعذيب ، والخذلان .
وأما قوله : «ولو لا أن مذهب الشيخ الأشعري عدم تكفير ...» إلى آخره ، فهو كلام من يرى أنّ مرتبة الأشعري فوق مرتبة الأنبياء ، فإنّهم أجازوا لعمر أن يخالف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالاجتهاد ، ولم يجيزوا لأحد مخالفة الأشعري بالاجتهاد.
وأما تعليله لوجوب تكفير الجبائي بذهاب الكثير من أصحابهم إلى تكفير من يكفرهم ، فمضحك ؛ لأن الاعتبار بالدليل لا بقولهم كلاً أو بعضاً ، ونسبة الجبائي في المقام إلى التعصب خطأ ؛ لأنّه بعد فرض أن القول بالجبر مخالف لضرورة العقل والدين ، وأنّ القول بما يخالف ضرورة الدين كفر
__________________
(١) أنظر : سنن أبي داود ٤ / ٢٢١ ح ٤٦٩١ ، المعجم الأوسط ٣ / ١٢٧ ح ٢٥١٥ ، وج ٤ / ٤٦٤ ح ٤٢٠٥ ، تاريخ البخاري الكبير ٢ / ٣٤١ رقم ٢٦٨١ ، تاريخ البخاري الصغير ٢ / ٢٧١ ، السنة ــ لابن أبي عاصم ــ ١ / ١٤٩ ح ٣٣٨ ، الشريعة ــ للآجري ــ : ٢٠٤ ح ٣٩٤ و ٣٩٥ ، مستدرك الحاكم ١ / ١٥٩ ح ٢٨٦.
(٢) سورة طه ٢٠ : ٥ .
(٣) سورة ص ٣٨ : ٧٥
(٤) سورة الفجر ٨٩ : ٢٢ .