ودعوى العلم بها من وعد الله ووعيده باطلة ، إذ لا يجب عليه الوفاء بما وعد وتوعد ، لأنّه لا يجب عليه شيء ولا يقبح منه شيء .
وأما قوله : «بئس المذهب مذهباً يجعل فيه الأشياء واجبة على الله تعالى ، كما يجب الأشياء للعبد...»إلى آخره .
ففيه : ماسبق من الفرق بين الوجوبين ، بإنّما الوجوب على العبد إنّما هو من مولاه ، والوجوب على الله تعالى إنّما هو من عدله ونفسه ، فيجب عليه بعدله جزاء ما كلّف عبده به ، والعادل لا يتخلف عما يجب عليه ، ولا يحتاج العبد إلى أن ينصب نفسه خصماً الله تعالى ، ولا إلى أن يخاطبه بذلك الخطاب الذي تشدّق به الفضل ، ولا يخاطب به إلا الجائرون الظالمون .
ولو امتنع أن يجب على الله تعالى شيء ، فكيف كتب على نفسه الرحمة ، وقال : ( وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ) (١) ؟ !( وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ) (٢) ؟ !
وقوله : « ولو أنّ جميع أعمال الإنسان العابد ...» إلى آخره .
مسلّم لا ريب فيه ، وكيف يقدر العبد على جزاء أقل نعم ربّه ، وكلّ شيء من بدنه وماله نعمة من نعم الله تعالى ؟ !
ولو قام العبد عمر الدنيا بالعبادة لما أدى شكر أقل القليل من نعمه سبحانه ، إذ كيف يؤدي العبد الذليل شكر عناية المولى الجليل به ولو بأدنى النعم ؟ !
ولكنه تعالى جلّت آلاؤه لما ابتدأنا بالنعم تفضّلاً ، ورحمة ــ والجواد أجل من أن يطلب من عبده جزاء ما تفضّل به عليه ، بل يقبح منه ذلك
__________________
(١) سورة الروم ٣٠ : ٤٧ .
(٢) سورة النحل ١٦ : ٩.